تزامن إطلاق ترامب لتغريدته على تويتر بأن الوقت قد حان للاعتراف بالجولان كجزء من كيان العدوان الغاصب نظراً للدور الاستراتيجي في حماية الأمن الصهيوني مع قيام الشهيد العربي الفلسطيني البطل عمر أبو ليلى بالعملية البطولية في سلفيت محدثاً حالة من الخوف في كل أركان قوات الاحتلال ومؤكداً طبيعة البنية الهشة والمتهالكة لذلك الكيان كبيت العنكبوت، الأمر الذي استدعى استنفاراً في الأجهزة الأمنية والعسكرية والحكومية ووضع حملة بنيامين نتنياهو الانتخابية أمام مخاطر الفشل والسقوط.
ولعل ذلك العمل الفدائي الكبير أرسل رسالة واضحة للنظام الرسمي العربي بعامة وللحكومات الخليجية المتهافتة لخطب ود العدو الصهيوني وإقامة العلاقات الأمنية معه بخاصة أن هذا الجيش الصهيوني مهزوم في حقيقته ولا يقوى على مواجهة فدائي فرد واحد اختار أن يتحرك وحده دون التزام تنظيمي أو انتماء لأي من فصائل المقاومة أو منظماتها ممثلاً ضمير الشعب الفلسطيني المقاوم الثابت والعصي على الاختراق أو التراجع والتأثير، فجاءت العملية لتزلزل كيان العدوان برمته وهو ما انعكس بالهروب إلى الملاجىء والأماكن المحصنة وعدم الخروج من الثكنات والمنازل وبعدها تجد المهرولين المستعربين يسارعون للاحتماء بتلك القوة الصهيونية العسكرية المزعومة. ومن المستغرب أمام هكذا برهان واضح استمرار تلك الأنظمة بالاعتقاد أن المحافظة على وجودها وكراسي حكامها مرتبط بالارتماء في حضن الصهيوني البغيض وقبله الإدارة الأميركية.
وفي ظل هذه التداخلات يندفع ترامب مغرداً بما يخالف القوانين والأعراف الدولية وبما يشكل استهانة بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والقرار ٤٩٧ الصادر بإجماع كامل أعضاء مجلس الأمن داعماً حملة صديقه وشريكه في الإجرام وهو يواجه استحقاقات صعبة في انتخابات ظهرت فيها أحزاب وتشكيلات صهيونية أشد تطرفاً من تجمع الليكود.
فالواضح في الأمر أن إدارة ترامب ماضية في تنفيذ مشروعها العدواني ضد العروبة كلها وفق خطط مرحلية، كان قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس خطوة عدوانية مرحلية لتليها خطوة الإقرار الترامبي بتبعية الجولان العربي السوري لكيان العدوان بعد اثنتين وخمسين سنة من الاحتلال، ومن المنتظر قيام الإدارة الأميركية بالمزيد من الخطوات العدوانية في المستقبل، فالصراع بين الصهيونية والعروبة صراع تناحري بالمعنى الدقيق ولن ينتهي إلا بسقوط ونهاية الإمبريالية كنظرية معادية لكل ما هو تحرري في العالم كله.
ويبقى الرهان منوطا بالمواجهة والقدرة على الاستمرار في الثبات والتمسك بالحقوق الوطنية المشروعة، وتثبت حقائق التاريخ أن سورية وقبلها فلسطين والشعب العربي قدموا أروع الأمثلة في الصمود والمواجهة وتحقيق الانتصارات مهما تكالبت قوى العدوان، وهو ما سيكون عاجلاً أو آجلاً.
مصطفى المقداد
التاريخ: الأثنين 25-3-2019
رقم العدد : 16939