من الطبيعي أن نشهد تغيرات على مستوى الفقر والاحتياجات الإنسانية والحالة الصحية العامة والخدمات العامة كلها، ومن الطبيعي أن تؤدي الحرب العدوانية الظالمة على سورية وتداعياتها إلى تزايد معدلات الفقر نتيجة توقف عدد كبير من المنشآت الاقتصادية عن العمل وتوقف معظم المشاريع التي كانت تقوم بها الدولة لتحسين الواقع المعيشي، إضافة إلى تزايد أعداد المهجرين داخلياً وخارجياً وتخلخل التوزع السكاني وفقدان مصادر العيش وخاصة الزراعية بفعل ما قامت به المجموعات الإرهابية المسلحة، كما أثر عدم أمان بعض الطرق بين المحافظات على نقل السلع والخدمات وتحولت بعض الأسواق إلى أسواق احتكارية نتيجة لنقص السلع والخدمات فيها.
ولعل من بين القطاعات الأكثر تضرراً الزراعة لأن أكثر من 60 بالمئة من مجتمعنا هو مجتمع يعتمد على الزراعة أو يعيش في مناطق ريفية، و الزراعة أساس الاقتصاد السوري، وقد اهتمت الدولة بشكل كبير بهذا القطاع خلال العقود الماضية، فالزراعة تمتص أياد عاملة كثيرة، كما أن الاهتمام بالزراعة مجال مباشر للتعامل مع قضية البطالة .
وبالمحصلة فإن النهوض بالواقع الاقتصادي بشكل عام يجب أن يأتي في مقدمة الأولويات من خلال تنفيذ العديد من المشاريع الصناعية والسياحية والزراعية التي تسهم في زيادة الدخل وتحسين مستوى المعيشة ورفع مستوى الخدمات، وهذا ما يجب أن تخطط وتهيئ له المؤسسات المعنية بذلك كي تسهم فعلاً بعملية إعادة الإعمار.
ولا شك أن الجميع أدرك قبل وأثناء وبعد الحرب أن المستهدف هو المواطن السوري ولكي يتحقق الأمن الغذائي لا بد أن نمتلك الوسائل والأمن والأمان لإنتاج أو شراء الأغذية التي نحتاجها، فالحصول على الغذاء يشمل الكثير من الخطوات وعلينا أن نفهم من أين يجب أن يكون غذاؤنا حتى يمكن أن نتخذ القرار المستقل ونحقق أمننا الغذائي بأيدينا .
من هنا تأتي أهمية أن نقف عند تقييم الحالة المعيشية للمواطنين في ظل الواقع الاقتصادي الراهن ونعمل على تطوير الأداء في المؤسسات الاقتصادية بما يسهم في تحسين الوضع المعيشي وفي مقدمة ذلك توفير المواد والسلع الأساسية بأسعار تتناسب مع واقع الحال وخاصة لجهة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة الذين لا يتوافر لديهم أي مصدر آخر غير الراتب .
وإذا كان تحسين الأداء وتطوير العملية الإنتاجية وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة.. من العوامل المساعدة لتحسين الوضع المعيشي فإن العاملين في الدولة يظلون يرون في زيادة الرواتب والأجور العامل الأول الذي ينتظره المواطن من الحكومة لأن كل شيء من حولنا قفز أضعافاً مضاعفة إلا رواتب العاملين في الدولة بقيت نائمة، والمواطن السوري الذي أثبت صلابته وصموده وصبره أكد في نفس الوقت وعيه وتفهمه للممكن والمأمول والفارق الكبير بينهما، لكن تظل الأنظار متجهة إلى ما تفعله الحكومة لتحسين الوضع المعيشي سواء بزيادة الرواتب أو بالعوامل المساعدة الأخرى. ومثلما نحن محكومون بالراتب في بداية كل شهر نظل محكومين بالأمل وبما تفكر وتعمل به الحكومة.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 26-3-2019
الرقم: 16940