يأخذها البحث عن الجمال إلى عوالم الطبيعة الساحرة، فكانت ملهمتها في خطوطها الأولى التي صاغتها من عشقها لبيئتها التي أغدقت عليها من إبداعها السرمدي، لتنبت لوحاتها بين أحضان الدفء والحب، وتسكب عليها من روحها فتتحول إلى عالم من التشكيل الجمالي الذي يحكي معنى أن يعشق الإنسان وطنه المسكون في حنايا النفس والقلب والروح.
ولأن الأنثى صنو الطبيعة في الجمال والعطاء، احتلت مكانتها في عالم الفنانة التشكيلية حنان أبو فخر، التي أثارت لوحاتها شهيتنا لسبر عالمها التشكيلي الآسر فكان هذا الحوار:
– الكثير من الفنانين تلهمهم الطبيعة فتكون مصدر أعمالهم ومادتها، فكيف تحولت الطبيعة في أعمالك إلى لوحة تحكي قصة عشقك لتفاصيل ماحولك؟
— لأن الطبيعة كانت ومازالت هي المعلم الأول للفنان التشكيلي بكل ماتحتويه، فهي الأم وهي المصدر لإعادة الخلق بكل تفاصيلها، وماتضيفه على ذائقتنا البصرية من أشكال وكائنات والألوان بمختلف تدرجاتها، وباختلاف الوقت والفصول، فهي النبع الذي يغذي المخزون البصري لدينا، هذا جانب، والجانب الروحي الذي تمدنا فيه حين نشعر وكأن هذا المصدر يبدأ من داخلنا قبل الخارج، وكأنه خيط يربط الروح بعظمة حضرتها، فهي الأنثى الخلاقة الولادة التي تعطيك حالات لاتنتهي من الجمال.
– لاشك لكل لوحة حكاية فهل حقا يمكن أن يكون الفن التشكيلي ديوان أمة؟
— لكل لوحة حكاية هي إعادة خلق لما يحويه مخزون أي فنان، والفنان دوما مرآة الحياة يسقط مايلامسه بطريقته الإبداعية الخاصة، وكان على مر العصور وقبل ظهور الأبجدية المرجع الرئيسي الذي دون كل الحضارات القديمة، وقدمها كلوحات على جدران الكهوف والمغر، فمن الطبيعي أن يكون ديوان وتاريخ أمة.
– عندما تتحول الطبيعة إلى عالم من الألوان على السطوح البيضاء، ماهي القيمة المضافة التي تحققها؟
— لكل فنان خصوصية فيما يضيفه على العمل الفني، قيمة روحية ذات نكهة وهوية تميزه، ولذلك تجدين الطبيعة تتحدث بأعمال الفنانين بلغة خاصة بكل واحد منهم.
وماتضيفه الألوان على سطح اللوحة ليست بمعزل عن الفنان، فقيمتها المضافة هي ذاك الانسجام والتوافق الذي يخلقه الفنان فوقها، ومايملكه من خصوصية في العمل الفني، حيث يضفي قيمة روحية ذات نكهة وهوية تميزه، ولذلك نجد الطبيعة تتحدث بأعمال الفنانين بلغة خاصة بكل واحد منهم.
– عندما ترسم الأنثى فإنها تضفي من روحها على اللوحة، فما الذي يميز لوحات حنان؟
— دائما الفنان تنتهي مهمته عند انتهائه من عمله، وغالبا مايترك القراءة للمتلقي، لكن أعمال الطبيعة نجد فيها الحياة والأمل برغم اختلاف المشاهد التي تناولتها.
– تجسدين المرأة في حالات عديدة وترصدين مشاعرها وربما تغوصين في أعماقها لتتحول تلك اللوحة إلى صورة ناطقة، فإلى أي حد أنت قادرة على سبر غورها؟
— المرأة في أعمالي هي تعبير عن معتقدات قيدت فيها الآلهة الأنثى التي كبلوها بموروثات قاتلة، وهي بين قضبانها تطرح ألف تساؤل وتحاول النهوض وكسر المعتقدات بعد أن أعموا بصيرتها، ولأن الأنثى هي الروح التي تظهر خلف كل النظرات أغمضتها وصارت مبهمة هي لاترى ولاتنظر وترفض هذا العالم، وستبقى تطرح وجع قيدها كتساؤل لابد أن تجد له جوابا ذات يوم.
– ماالذي يحرض حنان على الرسم وأي الألوان هي الأكثر طواعية لريشتك؟
— كل تفصيل في الحياة ربما سيكون محرضا بطريقة أو بأخرى، لانستطيع حصر الدوافع بخانة أو اثنتين أو بحدث ما، لكن كل يمر بأجزاء الوقت من تفاصيل ربما صغيرة تشكل حالة إبداعية معينة لدى الفنان.
– باعتبارك تدرسين مادة الرسم، فكيف برأيك ننمي الذائقة الفنية عند الأطفال؟
— الفن والطفل عالم آخر، لنحدد أولا أن الطفل في البداية منذ السنتين لغاية سن المراهقة هو لايرسم ليقدم لنا عملا فنيا، الرسم بالنسبة إليه أبجديته الخاصة التي تغنيه عن الكلام، فهو يعبرعما يدور في خوالجه وما يرغب به أو يحتاجه أو ينقصه من خلال الرسم ولكل مرحلة عمرية طريقة وأسلوب خاص، أما إذا قلنا مابعد هذا العمر كيف ننمي الذائقة الفنية، فهذا يبدأ من المنزل، حيث نشغل أطفالنا بدورات الرسم وتشجيعهم ليس بهدف أن يكبر الطفل ليصبح فنانا، بل ليصبح لديه القدرة على تذوق العمل الفني وقراءته والاهتمام المدرسي بنفس المنحى، وإعطاء المادة الأهمية التي تستحقها، بالإضافة إلى الحرص على مشاركة الأطفال بنشاطات لمعارض أو مراسم فنانين أو نحاتين وغير ذلك.
– ماهي طموحاتك في عالمك المفضل، عالم الفن والتشكيل والطبيعة؟
— أن تبقى لوحتي قيد الحياة، أن أجسد رؤيتي دوما بطريقة متجددة، فالإبداع لايعرف حدودا، نحن فقط من يخلق القيود.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الجمعة 29-3-2019
الرقم: 16943