ليس مفاجئاً أن تتحول أميركا بـ(جلالة قدرها) إلى مصباح علاء الدين بيد إسرائيل، وليس غريباً أن يكون أي رئيس أميركي لعبة في يد حكام الكيان الصهيوني، طالما لوبي الأخير يمسك بخنّاق القارة (العظمى) ومسؤوليها في بيتهم الأسود، ويسيطرون على رؤوس أموال الشركات الصناعية الكبرى ومعامل السلاح، لكن الغريب ألّا يدرك هؤلاء جميعاً أن الإرادة الشعبية والمقاومة لا يمكن أن تسمح بتمرير أو مرور أي قرار يجهض الحقوق العربية والسورية في أراضيهم المحتلة، مهما جيّش له أصحابه من حملات إعلامية وسياسية و حتى عسكرية، ومهما نفذوا من اعتداءات غادرة.
وسائل الإعلام المعادية للمشروع العروبي والمطيعة لإسرائيل وأميركا، استطاعت على مدى العقود الماضية الاستحواذ على الإرادات الضعيفة، عبر إقناعها بأنه لا يمكن هزيمة الاحتلال مهما توافر لديها من إمكانات، بينما الحقيقة خلال السنوات الماضية عرّت تلك الشائعات والادعاءات، واستطاعت المقاومة بإصرارها القوي تبديد تلك الأوهام، وأثبتت أن هزيمة إسرائيل في أي مواجهة تريدها أسهل بكثير من الورود إلى الماء.
إسرائيل وأميركا دعمتا الإرهاب في سورية نحو أكثر من ثماني سنوات ولا تزالان، ولم تحققا أياً من أهدافهما، ولهذا تلجآن لتحييد الأنظار عن هزائمهما، وانهيار مشروعهما التخريبي نحو الجولان المحتل، لتحقيق مكاسب انتخابية، ولإحياء فكرة الضم، لجهلهما أن أي قرار بهذا الشأن سوف يبقى على الورق، ولن يغير من واقع الأمر شيئاً، لأن الجولان يفيض بعروبته، وأهله متمسكون بهويتهم الحضارية الأم، كما أنه في قلب سورية وليس على الحدود مع فلسطين المحتلة.
غرق إسرائيل وأميركا بأضغاث أحلامهما، لن يولد لهما سوى الكوابيس المرعبة، وسوف يؤدي بهما إلى طرق مغلقة، والدليل الصحوة الدولية المسؤولة، وردود الفعل المستنكرة والمنددة بخطوتهما العدوانية البغيضة التي إن دلت، إنما تشير بوضوح إلى حجم أطماع واشنطن بالمنطقة، ورغبتها في السير عكس التيار المناهض لتفردها بالقرار الأممي، وانصياعها الأعمى للرغبة الصهيونية بتوسيع كيانها الغاصب، ولو كان ذلك على حساب الغير، ويرسخ الشكوك بأن الولايات المتحدة مستمرة بخفض جناح الذل من خلال طاعتها العمياء لحكام بني صهيون، وإلا لما تحدثت عما يسمى المصالح الأمنية المزعومة لهم في الجولان المحتل تحت قبة مجلس الأمن، في الوقت الذي لقي فيه قرار ترامب رفضاً واسعاً.
حرب سورية على الإرهاب الوهابي في الداخل، يتوازى مع أهمية محاربة الإرهاب الإسرائيلي الأميركي في الجولان المحتل، وبالتالي استعادة أراضيها المحتلة بكل الوسائل والسبل المتاحة أمر لابد منه، مهما ارتفع صوت ترامب، وتلقى صداه نتيناهو.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 29-3-2019
الرقم: 16943