الملحق الثقافي.. عقبة زيدان:
يعرف الجرجاني الشك بأنه «التردد بين النقيضين دون ترجيح لأحدهما على الآخر».
والشك هو تعبير عن الحرية الذاتية للفرد، فالإنسان الشاك يمتلك القدرة على الاختيار ولكنة يرفض النقيضين معاً. إذاً؛ فالشك موقف عقلي واع واتجاه فلسفي يتخذه صاحبه بعد تفكير عميق.
أما اليقين فهو إقرار الإنسان بصحة موقف معين بعد أن يتأكد من صوابية الأدلة المدعمة لهذا الموقف. واليقين بهذا المعنى انحياز لأحد الطرفين. وفي الوقت نفسه يتطلب اليقين القدرة على حرية الاختيار.
هناك نوعان من الشك: شك مذهبي وشك منهجي. يتصف الشك المذهبي بأن صاحبه لا يفكر في تغييره، ويصبح مذهباً ومن ثم هدفاً، وبهذا تلغى صفة البناء عنه، لتمترس صاحبه به. بينما يتميز الشك المنهجي بأنه مؤقت، وهو بذلك وسيلة للوصول إلى اليقين وليس غاية. ولا يتوقف صاحبه عند هذه النقطة، بل يبغي تحقيق مرحلة أعلى. وهو هنا بنّاء ويؤدي إلى تقدم المجتمع.
إن الشك الديكارتي في المعارف عامة، كان هدفه تأسيسها على اليقين. وانصب شك ديكارت على الحواس والشعور والعقل. وكان طريق ديكارت إلى اليقين عبر التأمل العقلي والتفكير الرياضي. لقد كان يدرك أن الحواس خادعة، وعلينا أن نركنها جانباً كي ندرك اليقين. وحتى القيام بالأمور الشعورية، يرهق تفكير ديكارت ويدفعه إلى اعتباره حلماً أو وهماً. حتى العقل كان في دائرة شك ديكارت، حيث أسماه «الشيطان الماكر» الذي يضلل عقولنا منذ وجودنا في الحياة، وكل ما نراه يمكن أن يكون وهماً وقد صوره لنا العقل حقيقة.
التاريخ: الثلاثاء9-4-2019
رقم العدد : 16952