يوم المسرح في حمص.. بســــاطة الإمكانيــــــات وتألــــــــق العـــــروض..

كانت العطسة آخر العروض المسرحية في احتفالية يوم المسرح العالمي من إنتاج مديرية المسارح والموسيقا المسرح القومي بحمص، وتم إعدادها عن مجموعة قصص للكاتب الروسي أنطوان تشيخوف، حيث أخرج العمل الشاب زين العابدين طيار وأشرف عليه فنياً سامر ابراهيم (أبو ليلى)، فاستطاع العمل بأسلوبه السلس والسهل الممتنع، ومن خلال تسليط الضوء على الفئات المهمشة الفقيرة بطريقة ساخرة وشيقة في الوقت نفسه أن ينال إعجاب الجمهور الذي صفق بحرارة على مسرح دار الثقافة الذي ضاق المكان به.
والمسرحية تدور حول موظف يعطس عطسة قوية برقبة المفتش في دار الأوبرا، وهو فعل شنيع برأي رجل الشرطة ويعاقب القانون عليه، وكم يشعر ذلك الموظف الفقير بالأسى والحزن جراء فعلته تلك، فيبدأ بالتفكير كيف سيقدم اعتذاره عن فعلته فيدبج رسائل تحمل في مضمونها التوسلات للمفتش الضعيف الشخصية، ولايقوى على أخذ القرار المناسب فيتحكم به الشرطي ويشدد على القانون لينال منه، ولا يكتفي بفرض سلطته على صاحب العطسة بل يمتد إلى صياد ضعيف قام بنزع أحد براغي التحكم لسكة الحديد كي يستخدمها كثقل في صنارة الصيد، ووسط الأحداث تبدأ الشخصيات بالتساقط واحدة تلو الأخرى وكأنها ورق اللعب ليبقى الجوكر ويحمله ذاك الشرطي المتحكم بمقاليد الناس والمسيطر على المفتش، وتعود المشاهد من جديد بين دخول وخروج بطريقة سلسة عبر صناديق بيضاء وسوداء وكأنها ترمز لحجر النرد يدخل الممثلون منها ويخرجون بخفة ومهارة، رغم إمكانيات الديكور المتواضعة التي لا توفرها خشبة مسرح دار الثقافة كما في المسارح الكبرى، حيث نرى الممثلون يغيرون الديكور تماشياً مع المشهد القادم.
لقد استخدم المخرج والكادر الفني المؤثرات الضوئية الحمراء والزرقاء، والأصوات القوية ليعبروا عن صوت الرعد وانهمار المطر بما يخدم فكرة العمل وحتى دراجة الشرطي وملابسه التي تناسبت مع دوره، مع أدوات الديكور البسيطة الأخرى، ما أعطى حيوية للعرض وبهجة أدخلت الراحة النفسية للحضور والاستمتاع بالعرض.
ويرى المخرج طيار بأنه بذل جهداً مضاعفاً مع الممثلين لأنهم ما زالوا هواة وغير محترفين، خاصة وأن مسرح تشيخوف ليس بالسهل فهو معقد وبسيط في آن ويسلط الضوء على الطبقات المقهورة، مشيراً إلى استخدامه الصناديق وكأننا أمام لعبة الحظ بالنرد في الحياة، حيث يظهر رقم ليكون شرطياً وواقعياً، إضافة إلى استخدامها كديكور لمنزل ونافذة ودرج بناء وباب ليكون مخرجاً ولعبة لدخول الممثلين وخروجهم لدى انتهاء العرض.
لكن الممثل وعضو نقابة الفنانين بحمص تمام العواني رأى بأن المخرج زين العابدين قدم عطسته بشكل معقول لكنه عدد النهايات ما أشعر الجمهور بنهاية المسرحية ليفاجئ الحضور بنهايات أخرى ويتركه في حيرة.
على حين تحدث نقيب الفنانين بفرع حمص أمين رومية عن تقديم ستة عروض مسرحية في الاحتفالية، ماترك انطباعاً إيجابياً للاهتمام مستقبلاً بالمسرح وكل من له علاقة بالنشاط الثقافي لدعم الحركة المسرحية، منوهاً بأن العروض حملت سمة هامة بأن مخرجيها وممثليها من الفئات العمرية الشابة ولابد من الاهتمام بهم ورعاية مواهبهم بإحداث معهد مسرحي على غرار معهد عبد الكريم للموسيقا لجذب المواهب والاهتمام بها، لافتاً بأن العروض سلطت الضوء على الواقع المعاش للمجتمع السوري عامة والحمصي خاصة، فنالت اهتمام الجمهور باعتباره يتحدث بلسانهم ويفند مشكلاتهم ومعاناتهم.
ورأى المخرج فهد رحمون أن العرض كان جميلاً، وقد أظهر المخرج والممثلون دقة فائقة في أدائهم رغم بساطة الإمكانات المتاحة، وأضاف بخصوص اختيار أعمال تشيخوف: إن ما كتبه تشيخوف يصلح لأي زمان وأي مكان ما يكسبه عالميته وأصالته، فهموم الإنسان ومعاناته واحدة في كل مكان.
واستمتع جمهور حمص خلال احتفالية يوم المسرح العالمي بعرض مسرحي للمخرج سامر ابراهيم حمل عنوان (حب إيه اللي…) ومقتبس من أغنية لأم كلثوم، حيث قدم طلاب معهد الثقافة الشعبية الذين اتبعوا دورة إعداد الممثل عدة مشاهد مُرتجلة تجاوزت الستة عشر مشهداً متنوعاً لامست هموم المواطن اليومية، وعلاقة المواطن بالمسؤول، فتم عرضها بطريقة ساخرة، وبعض المشاهد المقتبسة من المسرح الروسي، ورافقها صوت المخرج للتنويه بفكرة المشهد.
وعن العمل قال مخرجه سامر ابراهيم: إنها مشاهد مرتجلة تم تطويرها واخترنا عنوان (حب إيه..) لنؤكد أن الإنسان قادر على منح الحب رغم كل بشاعة العالم المحيطة به، وأننا قادرون على حب الحياة والمسرح وكل ما هو جميل.
ورأى بعض المهتمين بالشأن الثقافي أن ما تم تقديمه يعد نقطة البداية لانطلاقة مسرحية لافتة في حمص، وهذا ما يجعلنا نتفاءل بجيل الشباب الذي نظلمه أحياناً، حيث أثبت كل من شارك أنه على قدر كبير من المسؤولية لحمل عبء النهوض بالحركة الثقافية في حمص، لأن جمهور واسطة العقد معروف بتميزه و بمتابعته للأنشطة الثقافية، يُذكر أن الاحتفالية تضمنت ستة عروض مسرحية تم انتقاؤها من قبل لجنة مختصة وكل عام والمسرح بخير.
رفاه الدروبي- سهيلة إسماعيل
التاريخ: الأربعاء 10-4-2019
رقم العدد : 16953

آخر الأخبار
انطلاق سوق "رمضان الخير" في دمشق لتوفير المنتجات بأسعار مخفضة المعتقل صفراوي عالج جراح رفاقه في سجن صيدنايا وأنقذ الكثيرين "حركة بلا بركة" تفقد واقع عمل مديريات "التجارة الداخلية" في اللاذقية خسارة ثالثة على التوالي لميلان تكثيف الرقابة التموينية بطرطوس.. ومعارض بأسعار مخفضة برشلونة يستعيد صدارة الليغا باحث اقتصادي لـ"الثورة": لا نملك صناعة حقيقية وأولوية النهوض للتكنولوجيا شغل (الحرامات).. مبادرة لمجموعة (سما) تحويل المخلفات إلى ذهب زراعي.. الزراعة العضوية مبادرة فردية ناجحة دين ودنيا.. الشيخ العباس لـ"الثورة": الكفالة حسب حاجة المكفول الخصخصة إلى أين؟ محلل اقتصادي لـ"الثورة": مرتبطة بشكل الاقتصاد القادم المخرج نبيل المالح يُخربش بأعماله على جدران الحياة "الابن السيئ" فيلم وثائقي جسّد حكاية وطن استبيح لعقود دورة النصر السلوية.. ناشئو الأهلي أولاً والناشئات للنهائي كرة اليد بين أخطاء الماضي والانطلاقة المستقبلية سلتنا تحافظ على تصنيفها دولياً الأخضر السعودي يخسر كأس آسيا للشباب دوبلانتيس يُحطّم رقمه القياس رعاية طبية وعمليات جراحية مجاناً.. "الصحة" تطلق حملة "أم الشهيد"