تحت الصفر..

في كتابه «اللاطمأنينة»، يبوح فرناندو بيسوا: (الجدران الأربعة لغرفتي هي بالنسبة إليّ، في آن واحد، زنزانة ومسافة، سرير وتابوت)..
إنها الشيء وضدّه، نعيم وجحيم في الآن عينه..
وغالباً هي كذلك لأنها مكان الخلق إبداعاً.. تشي بمزاجات الكتابة وتقلباتها بين درجة تحت الصفر وصولاً إلى درجة الغليان..
من الممكن أن تختمر تجربة الكتابة حين التأقلم مع درجات الاعتدال فيصبح من اليسير على الكاتب، مثل بول أوستر، أن يعلن: «أهم جزء في حياتي هو الذي يجري في صمت ما بين هذه الجدران الأربعة»…
بينما ينحاز بيسوا إلى لحظات الرخاء/الصمت الفكري حين يُلْحِق كلماته السابقة باعترافه: «ساعاتي الأكثر سعادة هي تلك التي لا أفكر فيها في شيء، ولا أرغب في شيء، ولا أحلم بالرغبة في شيء، ضائعاً في سبات /ملتبس/»..
إنها الرغبة في الانعتاق من كل عبء حتى لو كان مداعبة الكلمات.. فيغدو الكائن خفيفاً، لا يثقله ولو مجرد حلم..
هل هي حالة ضياع تتلبّس المرء حيناً..؟
السعي للوصول إلى حالات ذهنية أعمق لأجل الكتابة، وشحذ الأفكار، يتطلب مراناً، وربما وعلى رأي آندرز إريكسون، الخبير في كيفية أن يُصبح المرء خبيراً، أنك ستكون بحاجة لحوالي (10,000) ساعة تمرين لتصبح خبيراً حقيقياً في معظم الحقول.. وفي نظر الكثيرين لن تشذ الكتابة بمختلف أنواعها عن هذه القاعدة..
فالتمرين الذي لا ينضب يتضمن تفاعلاً على مستويات عميقة بين خبرات تتحصّل عن طريق الممارسة ومزاوجتها بـ(المَلَكَة) المتأصّلة في الذات المُبدِعة.
القدرة على العوم في تخوم الدرجة صفر، تشعر المرء وكأنما أطبقت جدران غرفته الأربعة عليه.. فكتمت أنفاسه.. وما عاد قادراً على متابعة عملية استيلاد الأفكار..
هل يخون نفسه حينها..؟
أيكون خائناً لحالة «الأهم» حسب أوستر، أم لحالة «الأكثر سعادة» حسب بيسوا..؟
وبين «الأهم» و«الأكثر سعادة» تتفاوت وجهات النظر وتتباين درجات نضجها وإدراكها.
بعضهم شبّه الكتابة بقفزة في الظلام، ويبدو أنها قفزة في أعمق المحيطات تحصيلاً للأوكسجين اللازم لفعل موازنة بين لحظة «الأكثر سعادة» ولحظة «الأهم».
رؤيـــــــة
لميس علي
lamisali25@yahoo.com
التاريخ: الخميس 11-4-2019
رقم العدد : 16954

آخر الأخبار
بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة