في مرات سابقة، توصل الكثيرون إلى قناعة راسخة بأنّ أصل بلاء الأمة لا يَكمن فقط بالغرب، أميركا، العدو الصهيوني، بل يَكمن أيضاً بما كان يُسمى بالرجعية العربية التي كان يُقصد بها دول الخليج أولاً، وثانياً بعض الأنظمة العربية العميلة المُستسلمة، أو المُستقيلة من أيِّ دور يَدعم أو يُساهم بتَصليب الموقف من سياسات الاحتلال والهيمنة.
في سياق تَعداد واستعراض مراحل الحرب والعدوان المُستمر على سورية اتَّضحت هذه المسألة، وتَعززت القناعة بأن الخليج أولاً يَتحمل أكبر مقدار من المسؤولية عن كل ما حصل، ليس بمشروع استهداف سورية فقط، وإنما بمشاريع استهداف ليبيا واليمن والعراق والمنطقة، ذلك أن الحامل الأساسي لكل هذه المشاريع كان الفكر الوهابي، والإخواني، وكان هو الأداة مُجسداً بالحُثالات الوهابية الإخوانية، فضلاً عن أنّ المال الذي أُنفق على التدريب والتجنيد والتسليح لم يَكن إلا خليجياً.
ما الجديد اليوم؟ إلى جانب الصراع الذي تَمّ اختراعه أميركياً بين قطر الإخوانية، والسعودية الوهابية في اليوم التالي لمُغادرة دونالد ترامب السعودية مُحملاً بما يَزيد عن نصف تريليون دولار – نَتحدث عن 20 أيار 2017 – هناك صراعات أخرى سعودية – قطرية تَجري، وتُوضع مَجاناً بخدمة الغرب وأميركا والصهيونية، الأُنموذج ما يجري في ليبيا، وفي السودان، وربما على نحو غير عَلني، أو أنّ آثارها لم تَظهر بعد في أماكن أخرى، لا تَبدو فلسطين بعيدة عنها.
نحن في سورية نَعرف الكثير، ولم نَكن بحاجة للنَّجس حمد بن جاسم ليُؤكد ما أكده يوم خرج على الإعلام ليُعلن أنّ السعودية أجبرت قطر على الانتقال للمَقعد الخَلفي لتُدير هي التنظيمات الإرهابية التي كانت تَعتني بها قطر، لكن مَتى سيَعرف الأشقاء أي دور قذر تَلعبه السعودية وقطر ليس لتَمزيق الأمة، وإنما لتَمزيق المُجتمعات الواحدة داخل الوطن الواحد – ليبيا مثالاً – السودان أُنموذجاً – وفلسطين حالة مُستدامة؟
كم مَرة اجتمع ممثلو الفصائل الفلسطينية في قطر والسعودية تحت عناوين المُصالحة وتَوحيد الصف؟ لماذا لم تتم المُصالحة؟ لماذا لم تُنتج هذه الاجتماعات حالة فلسطينية وطنية مُقاومة مُوحدة؟ ولماذا تَستمر خلافات هذه الفصائل التي لا تُغذيها سوى مَشيخات الخيانة الخليجية، وتَحديداً السعودية شَريك أميركا وإسرائيل الفعلي بصفقة القرن التي تَستهدف تصفية القضية الفلسطينية؟
بمُتابعة سريعة لمَحطات التلفزة الفضائية، السعودية والقطرية، المُتخصصة بإثارة الفتن، يُمكن القبض على الدور التخريبي السعودي – القطري في ليبيا وفي السودان، ذلك أنه بات من الواضح أن ثمة صراعات أخرى تَدور جانبياً، تُتابعها واشنطن بعين راضية، ويَفرك قادة الكيان الصهيوني أيديهم فرحاً وهم يُتابعون تَطوراتها، إذ لا تَخفى على أحد مُخططات وضع اليد الصهيوأميركية على المَمرات المائية في البحر الأحمر، من ميناء العقبة إلى قناة السويس مروراً ببورتسودان ووصولاً إلى حديدة اليمن.
علي نصر الله
التاريخ: الاثنين 15-4-2019
الرقم: 16957