ثلاثة وسبعون عاماً على الجلاء… يوم رحل آخر جندي فرنسي عن أرضنا الطاهرة بعد نضال وتضحيات توجت بهذا اليوم الذي غدا رمزاً وطنياً وتعانق خصب الأرض مع شقائق النعمان في كل أصقاع سورية من الجولان إلى إدلب والساحل ودرعا ودير الزور وحلب… فكانت المهرجانات الرسمية والشعبية وصادف يوم ١٧ نيسان بالتقويم الغربي يوم ٤ حسب التقويم الشرقي من هنا جاءت تسمية هذا الكرنفال الشعبي باسم الرابع.
لم يبق مكان جغرافي في سورية إلا وعرف هذه الأفراح التي تمتد لعشرين يوماً وهي مدة الاحتلال الفرنسي لبلادنا… تجتمع الجماهير في يوم الجلاء بمكان محدد وغالباً ما يكون قد شهد معارك ضد الفرنسيين مثل جوفين وبشراغي وجبل الزاوية والجولان ومناطق أخرى كثيرة.
يتحول المكان إلى عرس شعبي يأتي إليه أبناء القرى والمدن المجاورة… طبل وموسيقا وأغان وطنية.. وكم رددنا ونحن صغار في هذا المهرجان… طيارة طارت بالجو فيها عسكر فيها ضو فيها ابراهيم هنانو راكب على حصانو يا فرنسا..يا …. من قلك تجي على الحرب.. لما شفت سورية صرت….
وغير ذلك من الأهازيج التي تمجد صالح العلي وسلطان باشا الأطرش والأشمر وغيرهم من الأبطال السوريين
ولا ينتهي اليوم حتى يتم الاتفاق على موعد اللقاء بقرية أو منطقة تجمع المدينة والريف وتغطي مساحة جغرافية كبيرة…
طقس احتفالي وعرس شعبي جامع لكل أطياف الوطن لم يتوقف عبر سبعة عقود لكنه تحول في السنوات الأخيرة إلى مهرجان يومي مع زغردة الأمهات وهن يزرعن الأبناء أقماراً تضيء سماء سورية، فغدا كل يوم مهرجان الوفاء لكل أم سورية وهي تردد.. فداء سورية..
طقس الخصب والشهادة والفداء.. فهو كما قال الشاعر بدوي الجبل: الزغاريد فقد جن الإباء من صفات الله هذي الكبرياء
وفي دوح الربيع يستمر مهرجان الفداء من كل بيت سوري ولأجل الجلاء الأكبر… إنهم السوريون يشعلون قناديل الوفاء وقد غدا الأبناء أقماراً في موكب اليقين ولسان الحال يردد: خير المطالع تسليم على الشهداء أزكى الصلاة على أرواحهم أبدا
إنها حكاية عرس النصر السوري فيه من كل قلب خفقة ومن دم كل شهيد مداد لن ينكسر وطن هؤلاء أبناؤه وهذا عرسه.
دمشق – الثورة:
التاريخ: الأربعاء 17-4-2019
الرقم: 16959