نايات العيد الحزينة

هو الجلاء.. عيد بأي حال عدت يا عيد..
شجر الغار على الطرقات يقف في أعالي القهر. يذرف اخضراره والعيد يقف متفرجاً.. بأي حال عدت يا عيد؟
الجلاء اليوم.. جلاء المستعمر الفرنسي، جلاء الليل الطويل الذي ترك بقاياه في بعض العقول المظلمة فرفعت رايات الانفصال ونادت المستعمر حاملة علمه لتدل على ولائها وسفهها ولتخبر عن خضوعها..
جلاء وعيد.. والعلم الأحمر والأبيض والأسود والدم النازف والتراب الذي يشهق على الشهداء.. الأجداد حائرون والآباء صامتون.. ونحن نحاول شق الطريق نحو الأبيض والأسود والأحمر والنجوم الخضر والوطن الأبي.. ولكن.. لم تطل المسافة بين العيد والعيد.. بين راية النصر وراية الاستسلام..عيد؟؟
وتهمس الذرا وتصرخ النايات الحزينة.. والأطرش يعود من غيابه، وهنانو يركب حصانه والشيخ صالح العلي ينزل من الجبال العالية.. والأبطال، كل الأبطال يهبّون هبة رجل واحد.
أما حامية البرلمان فلها عيد آخر.. لها قصة لا تنتهي.. هي حكاية الصمود والظلم ومجازر المستعمر.
كلهم متشابهون.. المستعمر والخونة والمرتزقة.. ومجزرة جسر الشغور هي نفسها مجزرة البرلمان.. ومجزرة نهر قويق هي مجزرة السفاح والمشانق والقهر.
وطني.. والجلاء.. والتاريخ.. والزمن يمشي إلى الوراء.. لماذا تتقدم الساعات والأيام وساعتنا واقفة..وزماننا خاسر، متأخر والجهات مرتبكة.. كأن الجلاء لم يصل بعد.. كأن الأمهات اللواتي يرفرفن بالحزن كملائكة لا يحق لهن أن يخلعن السواد.
هي الحرب لا تنتهي حتى تبدأ؟
هذا قدرنا أم هذا ما جناه علينا المكان والزمان والفكر المظلم الذي ينتمي إلى قبيلته ولا ينتمي إلى تراب الوطن. آه يا وطن.. نخجل أن ننظر إليك.. نخجل أن نعاتبك أو نسألك عن الذي جرى.. وعن الذي يجري.. وما يجري سابقاً ولاحقاً لا يصدقه عقل ولا تتحمله ذاكرة.. نحن في عيد الجلاء؟ ندمرك.. نبيعك للترك وللغرب ونطبل بالطناجر كي تنصاع وتصير عبداً.. يا عبد الله.. أيها السوري الذي تحولت من عبد الله إلى عبد الغرب وعبد السلطان وعبد السبت الصهيوني لتنعم بفطير معجون بدم الأبرياء.. لكن.. اعذرهم يا وطني فهم لا يفقهون.. لا.. لا تعذرهم يا وطني، لقد ناداهم ترابك وصدوه.. ونادتهم المآذن فهدموها والمعابد فحرقوها.. وقام الأبطال من خلف سور الزمن وقالوا.. هذا الذي يسيل ليس دم الحرية، إنه دمنا.. دم الوطن.. دم الأشجار والأنهار والبحار والنوافذ والجدران.. هذا الذي يسيل كنهر هو دم التاريخ؟؟ هل أنتم أحفاد هولاكو؟ هل أنتم احفاد التتار؟ إذن لماذا حرقتم الكتب وسبيتم النساء واغتصبتم الأطفال وأكلتم الأكباد..أأنتم إنس.. أم وحوش تبتهجون لأكل الإنسان؟
عيد الجلاء..اليوم عيد الجلاء… وغداً نحتاج إلى عيد آخر للجلاء. أهي الأعياد تكرّ وتفرّ وتقبل وتدبر.. كقدر لا خلاص منه.
ولكن ما يجري في بلدي ليس قدراً.. لماذا لا تنتهي الحرب؟
متى يسكت الدم؟ وإلى متى ستجرون أحلامنا كطيور ميتة؟ جمهوريات تسقط وممالك تصمد، وسلطنات تسبح باسم الخلود.. ووطني يموت ويولد ثم يموت.. ثم يتكرر السؤال. إلى متى يستمر الرجوع والتقدم والهلاك؟
ويأتي العيد.. والجلاء حلم.. لكن الفرنجة لم يخرجوا بعد.. ذيولهم هنا لم تغادر.. كل الذي جرى أننا وقّعنا صك الجلاء.. وزغردت أمهات الشهداء.. والجرحى تنهدوا من الفرح والألم.. واكتفوا بأن ذرفوا دمعة على أشلائهم التي غرسوها في تراب الوطن، من أجل كرامة الوطن وعزة الوطن.. لكن فؤوس الديمقراطية الغربية الكاذبة حفرت ونبشت الشهداء من القبور ومن الذاكرة ومزقتها من جديد.. ثم رقصت وغنت وهي تترنح تحت ثقل الدولار.. فطار الجلاء وطارت عمامة الأجداد وحطت على (قرعة) الفرنجة والصهاينة والتركي وبعض العربان. ووقف الزمان يتفرج.كانت اللغة يابسة وكان التاريخ يبكي.. والشهداء يراقبون.. ثم ما لبثوا أن شهقوا وعادوا إلى القبور من جديد.
كأن التنور فار.. كأن البلاد تمشي في العماء.. المستعمر يعود بثوب جديد مرتدياً الدم والأشلاء والخراب. تنكسر القلوب وتتكاثر الطعنات، بينما عيد الجلاء لا يزال منتظراً واقفاً في الباب.. لا زغرودة ولا همهمة إعجاب.. جلاء؟؟ فعم جلاء يا وطن يا وطني الجريح.

أنيسة عبود
التاريخ: الأربعاء 17-4-2019
الرقم: 16959

آخر الأخبار
الأتارب تُجدّد حضورها في ذاكرة التحرير  الثالثة عشرة وزير الطوارئ يبحث مع وزير الخارجية البريطاني سبل مكافحة حرائق الغابات تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض