قراءة في الحاضر

لم يعد خافياً على الشعوب العربية ما يجري من تباعد فكري وثقافي وأيديولوجي بين الأقطارالعربية التي بقينا لأزمنة طويلة ندرس ونؤكد أننا شعب واحد وأمة واحدة، وأن هذه الأمة تحقق كل عوامل الوحدة العربية.

فاللغة الواحدة تصنع الثقافة الواحدة التي بدورها تشكل الآمال والمشاعر المشتركة والتاريخ المشترك للعرب، وبالتالي ينتج عن ذلك ذاكرة موحدة ومصالح متشابكة ومواقف متشابهة من قضايا كثيرة تخص الأمة العربية الواحدة.

وبناء على ذلك التعريف الذي سبق وعول عليه مفكرون كثر مثل ساطع الحصري أيام المدّ القومي وذلك في بداية الخمسينات بعد التحرر من الاستعمار المباشر للعرب وصعود الفكر التقدمي إلى الواجهة.

وبناء على ذلك وقياساً عليه لا بد من الانتباه إلى أن العرب في العصر الحالي لم يعد لهم ذاكرة مشتركة ولا ثقافة مشتركة ..وبالتالي لم يعد لهم القدرة ولا الرغبة بصناعة هذا التاريخ المشترك ولو أن الجغرافية الواحدة ما زالت قائمة على الرغم من زرع الغرب للعدو الصهيوني في قلب الجغرافية العربية لتمزيقها ..وإذا كان هذا العدو لم ينجح حتى الآن بفضل المقاومين المؤمنين بالعروبة، إلا أن هذا العدو الصهيوني استطاع أن يمزق الذاكرة المشتركة للشعوب العربية وبالتالي ضياع التاريخ المشترك لها، إذ من المؤكد أن تاريخ مصر العربية بعد معاهدات السلام وزيارة السادات إلى إسرائيل وتبادل السفارات ورسائل الود والتحيات ليس مثل تاريخ سورية التي ما تزال على مبادئها ومواقفها، لم تتحول ولن تساوم ( كما أكد الرئيس بشار الأسد في خطاباته المتكررة مهما كانت الضغوط ) حيث ظلت العروبة هي العقيدة والمبدأ وظلت فلسطين هي البوصلة الأساسية للنضال والتحرر.

ولا ضير من الاعتراف بأن ذاكرة الشعب السوري محملة بالألم من بعض الأنظمة العربية التي ساندت أعداء سورية وعملت على تدميرها، وتمزيقها إلى مذاهب وطوائف وأعراق وجغرافيات متعددة متناحرة ما أدى إلى مسح الذاكرة المشتركة بينه وبين تلك الأنظمة العميلة إضافة إلى خلخلة التاريخ المشترك معها.

ومع كل الأسف ينظرالجيل الجديد من الشعب العربي إلى العروبة كعبء، أو كما لو أنها ثوب قديم بطلت موضته وعليهم رميه وكأنه غيرنافع في زمن العولمة والميديا المخيفة التي تدير العالم كله، من خلال منظومة تحكم قوية تسيطر عليها الأنظمة الغربية التي تزين للأجيال الشابة الهجرة وترك البلاد لمصيرها وتاريخها وذاكرتها القديمة، فالغرب له وهجه وسطوته، لكن الغرب الذي يدرك ذلك لا يقبل هؤلاء الشباب في مجتمعه إلا كتابع له أو كمنفذ لإرادته وسياسته التي تهدف إلى مجابهة العروبة والإسلام لتدميرهما لأنهما يشكلان خطراً عليه من كل النواحي.

إن الغرب لا يكل ولا يملّ منذ عقود ولا يتعب من محاولاته في زرع الفتن الطائفية والعرقية ونهب الثروات العربية وتشويه تاريخ الحضارة العربية وثقافتها واعتبارها مجرد ثقافة قتل وتخلف وجهل، لذلك لا يخجل ترامب من مجاهرته بهذه التوصيفات والسخرية من العرب والعروبة وهو في عقر دارالعرب الذين يرقصون له ويقدمون له ثرواتهم الطائلة التي هي حق للشعب العربي وليس للغرباء والدخلاء.

مع كل ما تقدم أجد أن التاريخ العربي لم يعد مشتركاً مع ذاكرة تتشظى أيضاً وثقافة تتغرب وتمشي على ذات الطريق .. أما اللغة التي كانت الرابط الأساسي للعروبة فلن تستطيع ان تحمل أو تواجه كل هذه التشظيات والمبعثرات إلى النهاية مالم يتدارك العرب ذلك ويسعوا جاهدين للنهوض من ثباتهم وتبعيتهم مع الإصرارعلى صناعة تاريخ جديد يليق بماضيهم التليد.

معاً على الطريق- أنيسة عبود

آخر الأخبار
معسكرات تدريبية مجانية للنشر العلمي الخارجي بجامعة دمشق "كايزن".. نحو تحسين مستمر في بيئة العمل السورية نحو اقتصاد سوري جديد.. رؤية عملية للنهوض من بوابة الانفتاح والاستثمار بناء اقتصاد قوي يتطلب جهداً جم... اليابان تدرس.. ونائب أمريكي: يجب تعزيز التحالف مع سوريا استطلاع (الثورة) للشارع السوري في فرنسا حول رفع العقوبات مسابقة الخطلاء للشعر النبطي تخصص لسورية صيدلية مناوبة واحدة في مدينة طرطوس والنقابة توضح حذف الأصفار من العملة.. ضرورة أم مخاطرة؟! تأخر في استلام أسطوانة الغاز بدرعا مرسوم رئاسي بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية نقل مواقف الباصات لجسر الوزان .. بين الحل المروري والعبء الاقتصادي مرسوم رئاسي بتشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين قوافل حجاج بيت الله الحرام تبدأ الانطلاق من مطار دمشق الدولي إلى جدة مرسوم رئاسي حول الهيئة العامة للتخطيط والتعاون الدولي "السورية للمخابز": تخصيص منافذ بيع للنساء وكبار السن  د. حيدر لـ"الثورة": زيادة "النقد" مرتبط بدوران عجلة الاقتصاد  وفد صناعي أردني  و٢٥ شركة في معرض "بيلدكس" وتفاؤل بحركة التجارة نوافذ التفاؤل بأيدينا...    د .البيطار لـ"الثورة": الدولة ضمانة الجميع وبوابة النهوض بالمجتمع  "الاختلاف" ثقافة إيجابية.. لماذا يتحول إلى قطيعة وعداء؟ الأمم المتحدة تكرر رفضها لخطة المساعدات الإسرائيلية الأمريكية لغزة