على امتداد سنوات الحرب، لم تتوقف مؤسسة حكومية عن العمل، مدارس، جامعات، مشافي، مصارف، وغيرها وغيرها. في أشد الأوقات صعوبة وخطر الموت يحيط بالجميع، كان هناك من يتحدى الخطر ويخرج وتخرج إلى عمله وعملها.
تخللت الفوضى إلى بعض المرافق والمؤسسات، وتراجعت المتابعة والمساءلة، لكن هناك من كان وكانت مرجعه ضميره وانتماءه النقي لمؤسسته، لا يأبه أو تأبه للمحسوبيات وغياب العدالة الوظيفية أثناء وقبل الحرب، فالبلاد في خطر وكل شيء مؤجل لتنتهي المحنة. فكم من مدرسة واقفة على الضمير الحي لمعلمين ومعلمات أرادوا نور العلم أن يضيء دروب أطفال ويافعي سورية، وكم من محطة كهربائية عادت للعمل بمخاطرة عمال ومهندسين بحياتهم لاصلاحها، والكثير منهم استشهد لتعود للعمل. ومثلهم الكثيرون والكثيرات في مواقع أخرى.
هؤلاء جميعا يعملون بصمت، لكن عملهم من أحدث الفرق، أنهم ملح الأرض، الذي يحافظ على الحياة فوقها دون أن يظهر أو يتباهى بالظهور.
اليوم يشتد الحصار، وتزداد الظروف صعوبة، ويستشري الفساد والتصدع في المجتمع والعلاقات، فتشتد حاجتنا لهؤلاء، تحتاج الأرض لملحها، الذي يسري في عروقها بهدوء بلا ضجة ولا اعلام، يستيقظون باكرا ليضيئوا البيوت المظلمة، ويفتحوا أبواب المدارس والمعامل، يطمئنون على المرضى في غرف المشافي، يسقون الزرع، إنهم البناء الحقيقي، والحصن الأخير لاستمرار البلاد، والبلاد لن تستمر إلا بأبنائها الطيبين وكم هم اليوم متعبون.
عين المجتمع
لينا ديوب
التاريخ: الثلاثاء 23-4-2019
رقم العدد : 16962
السابق
التالي