تقول غيتي إيماجز هي حانة متواضعة في غرب لندن وهي غير مشهورة بأي شيء يذكر او هو ملفت للنظر سواء بالمشروبات المقدمة للزبائن او بالبرامج المعدة للترفيه ، و لكن وبلمح البصر ومن دون سابق انذار اصبحت هذه الحانة مشهورة بل ومشهورة جدا حيث انها أصبحت مركزا للتآمر على السودان .
وتقول ايماجز «إنهم يجلسون هناك في لندن ويخططون للمظاهرات» .. وهناك شواهد ،فالصحفي حسين خوجلي قال في تنديد متلفز ترافق مع عملية الرحيل القسرية للرئيس عمر البشير في وقت سابق من هذا الشهر. حيث يسيطر على تلك الحانة الكثير من الرجال الذين يمارسون جميع أنشطتهم في هذه الحانة من أجل تأجيج الشارع السوداني واغراقه بالمظاهرات والاحتجاجات وتأمين الاموال لذلك .
وقال الصحافي البريطاني السوداني عثيلة سليمان كنت افكر أن أذهب الى هذه الحانة من أجل التقاط صورة «لأنني استطيع القول إن هذه المظاهرات كانت مقررة في لندن ، بينما قام المواطنون السودانيون بمظاهرات واحتجاجات بناء على المخططات التي اعدت في لندن من قبل معارضي عمر البشير الذين خاطروا بحياتهم في الخرطوم للإطاحة بالرئيس البشير.
وقال البروفيسور منزول عسال ، مدير معهد أبحاث السلام بجامعة الخرطوم: «لقد لعب رجال الشتات في أوروبا دورًا مهمًا للغاية في سقوط البشير». «لقد كانوا نشطين للغاية في وسائل التواصل الاجتماعي ، ومارسوا ضغوطًا على الحكومات في منازلهم الجديدة ، ونظموا أنفسهم سياسيًا من خلال تنظيم مظاهرات عبر أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا». لقد لعبوا أدوارًا رئيسية في مسيرة الاحداث التي جرت في السودان من أجل تقسيمه و هي جهة تشرف عليها اسرائيل ، وهي الجهة التي كانت تقود الاحتجاجات ولها فروع في جميع أنحاء العالم.
وقال الفنان إسراء الكوجالي ، الذي يعيش في السويد ويتابع ما يجري في بلاده من هناك انه لم يستغرب ان يكون للغرب دور كبير فيما يحدث في السودان . ووفقًا للمؤلف البريطاني السوداني جمال محجوب ، الذي كانت عائلته من بين أوائل الأشخاص الذين غادروا البلاد. عندما يكون الناس مرتبطين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة في دول الشتات يجب أن يكونوا أكثر وعياً بما يجري والدور الغربي القذر في الاحداث، وقال محجوب ، الذي استكشف تاريخ السودان وعلاقاته المضطربة مع الغرب وقد ذكر ذلك في مذكراته « الخط في النهر « .
وأشار محجوب :قد سهّل الإنترنت للسودانيين الذين يعيشون في الخارج وتحويل مزاجهم من الوطنية والغضب مما يجري في بلادهم إلى دعم عملي لأولئك الذين يتظاهرون في الخرطوم ،وأضاف محجوب «على وجه الخصوص خلال السنوات العشر أو الخمس عشرة الماضية أو نحو ذلك ، عندما تم تأمين الاتصال بين الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، من خلال الهواتف المحمولة ، وحدثت ما يسمى بثورة» السودان المدعومة من الخارج من خلال سيناريو تم اعداده في امريكا وترتيبه في بريطانيا لتصل الامور الى ما وصلت اليه الان .
وبالنسبة للبعض ، كانت الاحتجاجات الأخيرة ، الموثقة في وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركتها على» WhatsApp «في الوقت الفعلي تقريبًا ، بمثابة دعوة لم يسبق لها مثيل ، وتقول ايماجز ان إنيس عبد العزيز ، وهو مستشار قانوني سوداني بريطاني فر والده من السودان منذ 25 عامًا ، وهو الآن متورط في نشاط الشتات الداعم لـ ما يسمى بثورة اوربيع بريطاني امريكي للسودان، والذي قال إنه من الصعب الحصول على أرقام دقيقة ، لكن يقدر أن هناك ما بين 3 و 5 ملايين شخص يحملون الجنسية السودانية خارج السودان وأغلبهم من دارفور ، وهم اصلا لا يعرّفون بأن لديهم تراثًا سودانيًا .
وربما كان الأكثر صخباً هم أولئك الذين انتشروا في الغرب تضيف غيتي ايماجز :حيث يقول الآلاف منهم إنهم يحبون العودة إلى السودان للمساعدة في إعادة بنائه إذا كانت لديهم فرصة للقيام بذلك ، و لكن بضمان عدم سرقتهم من هؤلاء الذين قاموا الان بالاستيلاء على السلطة من البشير .
بالرغم من وعود المجلس العسكري الذي يدير البلاد الآن بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية ، لكن الأمر قد يستغرق ما يصل إلى عامين واكثر وربما عشرات السنيين ناهيك عن الفوضى والفلتان الامني الذي حصل بعد رحيل الرئيس البشير ، فبعد محادثات مع قادة الاحتجاج ، وافق الجيش على تقاعد ثمانية جنرالات يقودون جهاز الاستخبارات.
وقالت أميرة جوراني ، اختصاصية بريطانية سودانية متخصصة في الصحة العامة «، أن الأطباء السودانيين العاملين في بريطانية اجتمعوا ايضا في الحانة المذكورة في لندن وقدموا الامول لاولئك القائمين على إدارة تكاليف ما يسمى بثورة السودان. وتقول ايماجز إن هؤلاء يشكلون جماعات قوية مدعومة بمئات المليارات من الدولارات من دول الخليج العربي ، وخاصة المملكة العربية السعودية ، حيث تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 400،000 من المنفيين والهاربين من مناطق العنف في دارفور تستقطبهم السعودية لصالحها ولصالح اسرائيل.
The Guardian
ترجمة غادة سلامة
التاريخ: الأربعاء 24-4-2019
الرقم: 16963