مرحلة مابعد الحرب .. تحديات وتطلعات.. فهـــل أعددنــا لهــا فكريــــاً وإعلاميــــــاً واقتصاديـــــاً ؟

لم تكن سنوات الحرب الثماني بما حملته من دمار وتخريب وخسارات على الصعد كافة «الثقافية والفكرية والاقتصادية..» ومناحي الحياة كافة لتعبر دون أن تترك آثارها التي يمكن أن تمتد لسنوات نحتاج خلالها للعمل الدؤوب لنستطيع أن نعيد ترتيب بيتنا الداخلي وإعادة بناء ماتهدم ولملمة ماتبعثر سواء على المستوى الشخصي أم العام.
فماذا أعددنا لمرحلة مابعد الحرب، وكيف نستطيع أن نعيد دورنا الريادي على الصعيد العربي والعالمي، وهل من مخططات ومشاريع رسمت من أجل الوقوف من جديد بعد كبوات الحرب الشرسة التي طالت الحجر والبشر وتركت في النفوس آلاما كبيرة لما أن تندمل بعد؟
تساؤلات كثيرة طرحها المشاركون في الندوة الحوارية التي أقامها فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب بعنوان «الدولة الوطنية السورية وتحديات مابعد الحرب» أدار الحوار د.ابراهيم زعرور وبدأها د.حسين جمعة بالحديث عن أهمية الثقافة المعرفية ليؤكد المنظومة الخلقية التي يجب أن نتحلى بها لأنها وحدها القادرة على تهذيب السلوك، ويقول:
إذا كان الإنسان غاية الحياة ومناط تكوين القيم الإنسانية التي ترتقي بإنسانيته فإنه يصبح الوسيلة الأهم لتسخير كل مايملكه ويسخر له لبناء الوطن الحر المستقل، فوطن العبيد لايكون إلا تابعا، ووطن الأحرار لايكون إلا سيدا، وهذا يدفعنا إلى تذكر فطرة النقاء الأولى للإنسان التي تمكنه من السمو والارتقاء بعيدا عن الاعتداء والإيذاء، وحين تدفعه الغريزة إلى فكرة صراع البقاء واعتماد مبدأ الأقوى والغلبة والتدافع فإن الثقافة المعرفية بمنظومتها الخلقية تهذب ذلك كله وتجعل كل من في الكون عاملا على استغلال القوة لصالح الإنسان وليس للسيطرة على المقدرات البشرية، كما هي العولمة المتوحشة الساعية بكل أدواتها المتطورة إلى السيطرة والهيمنة وجعل العالم كله تابعا لإرادة الأقوى.
وبين زياد غصن مدير عام مؤسسة الوحدة أن مانأمله بداية أن تكون مرحلة مابعد الحرب، مرحلة سورية الواحدة، صاحبة السيادة، ولكن لايمكن تجاهل تأثر وسائل الإعلام كافة خلال سنوات الحرب، فبالرغم من استمرار سيطرة الإعلام الرسمي على المشهد الإعلامي بنسبة كبيرة إلا أن معظم المطبوعات الخاصة قد توقفت بسبب ارتفاع التكاليف، وتراجعت أيضا المطبوعات العربية والأجنبية في السوق المحلية وانخفض عددها من 700 مطبوعة قبل الأزمة إلى بضع مطبوعات مع نهاية العام 2013 وازدهرت في الآن نفسه المواقع والصفحات الإلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأضاف: لاشك أن انتهاء الحرب ببعدها العسكري سيترك تأثيره المباشر على أداء وتركيبة المنظومة الإعلامية المحلية، وسيكون الإعلام تحت تأثير الانفتاح السياسي المتمثل في تأسيس أحزاب جديدة، وستكون وسائل الإعلام الرسمية في مواجهة حتمية لإعادة هيكلتها، وعودة المشهد الاقتصادي ليطغى على اهتمامات وسائل الإعلام المحلية بمختلف أشكالها، هذا إلى جانب اهتمام وسائل الإعلام العربية والأجنبية بالشأن السوري.
هذا وستكون الحاجة لتفعيل مايسمى الإعلام الإقليمي وهو أحد أبرز تحديات تلك المرحلة، لأنه النوع الذي يضمن تعبيرا أوسع وأشمل عن قضايا المواطنين وهمومهم.
وأكد الدكتور سليم بركات على تعميق ثقافة الانتماء والمواطنة عند الشباب، ودعا في الوقت نفسه إلى تحرير أجيالنا المستقبلية من الكوابيس المسلطة عليها وإفساح المجال لهذه الأجيال لتقف على حقيقة هذا العصر من خلال النقاش والحوار.
واقترح بدوره مشروعا عربيا وطنيا قوميا نهضويا ذا أبعاد إنسانية يرتكز على الفردية التي تسلم بوجود آخر مساو بالحقوق والواجبات وتطبيق مبدأ الحرية المسؤولة ووعي مفهوم الديمقراطية في مفهوم حكم الشعب.
ويلتقي معه الدكتور ابراهيم سعيد الذي أكد أهمية تعميق مفهوم الحرية، ولاسيما أن حرية الفرد والضمير تمثل أحد مرتكزات ومتطلبات النظام الديمقراطي المستقبلي المنشود، فالحرية تعد الأساس لتمكين المواطن في تنمية مهاراته وقدراته، وتعطي الحق بالاختلاف والتنوع وتفرض بالوقت نفسه واجب قبول الآخر وعدم إقصائه.
ودعا الدكتور عبدالله الشاهر إلى تحديد الإطار النظري للاقتصاد يركز على التنمية البشرية والتقنية وتعزيز المنافسة في السوق ومحاربة المنتفعين والفاسدين واستقطاب العقول ورؤوس الأموال النظيفة، كما أكد على الحوار تحت مظلة محبة الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره.
وبدوره بين أحمد الابراهيم المختص في الشأن التركي أن النظام التركي يعيش أزمة حقيقية ولاسيما بعد الهزات الانتخابية الداخلية الكبيرة التي لم يكن آخرها خسارته في الانتخابات البلدية وهذا من شأنه أن يقوض مخططاته المتعلقة بسورية، ولكن التحدي القادم الذي يواجهنا فيتمثل بتمتين مؤسسات الدولة الوطنية السورية من أجل إقامة سد منيع أمام الفاشية الرجعية السياسية والتاريخية.
وأثار هذا الموضوع الهام شهية الحضور الذي قدم مداخلات هامة أغنت البحث وطرحت أفكارا من أجل النهوض بالدولة الوطنية السورية ومواجهة تحديات مابعد الحرب.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الأربعاء 1-5-2019
رقم العدد : 16968

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها