«إذا كنت لا تستوعب الأفكار التي تختلف معها، فأنت لم تختبر أفكارك أبداً»..
كيف يمكن وضع أفكارنا في اختبار المواجهة مع أخرى تعاكسها..؟
هل نمتلك مثل هذه القدرة على وضع ذواتنا مكان الآخر.. ونتقبّل أفكاره بكل مطواعية..؟
جرّب البروفيسور براين كابلان اختباراً من هذا النوع محاولاً الوصول لطريقة تمكّن المرء من تقبل أفكار خصومه، وتبرهن على أنه ليس مجرد شخص مؤدلج، يكرر ما يُلقّن إياه.. وذلك باعتماده على اختبار تورينغ.
قام آلان تورينغ، المخترع الأول للكومبيوتر، بوضع اختبار يحاول من خلاله قياس مدى إمكانية وصول الروبوت لذكاء إنسان.
ما فعله كابلان يتمثل بأنه بدلاً من اختبار قدرات الآلة على محاكاة البشر، اختبر قدرة الإنسان على محاكاة أفكار خصومه.
كل ذلك لم يكن سوى خطوة لفرز الأفكار الجيدة عن تلك السيئة.. وغالباً ما نحتاج إلى نوع من مقابلة الأفكار ببعضها وصولاً إلى الخيّر منها.. وبالتالي وصولنا إلى إمكانية تقبّل كوننا مخطئين.
ما يتوجبّه تحصيل السير إلى الأمام ومتابعة المضي نحو كل ما فيه الخير لنا، يقضي بتفحّص ما نعتقده من أفكار ونتبناه من آراء.. لأننا حين نتجاهل ما يخالفنا أو نقوم لاشعورياً بتشويهه، لا نكون حينها باحثين أصيلين عن الحقيقة.
لعل البعض يقول إن العقل البشري متحيّز بطبيعته.. وليس من اليسير عليه الانتقال من رأي إلى آخر يناقضه بسلاسة..
ثمة اختبارات لأفكارنا.. من النوع الفكري/الإيديولوجي..
نوع من غواية الألعاب الفكرية تقرّبنا من معتقدات الآخر.. حين نتمكّن من شرحها لأنفسنا بمصداقية.. لعلنا لا نتبناها بكل تفاصيلها لكننا نصبح أكثر تقبّلاً لها.. وبالتالي لا نكون مجرد روبوتات بشرية/مؤدّلجة وفق ما نلقن به من أفكار.. مغفلين إعمال العقل.
علينا التدرّب على الانسلاخ مما طُبع سلفاً بعقولنا من معتقدات وآراء مصنّعة.
ذكر مرة الفيلسوف جون ستيوارت ميل: «من لا يعرف سوى جانبه الخاص من الحكاية، فهو لا يعرف إلا القليل».
رؤيـــــــة
لميس علي
lamisali25@yahoo.com
التاريخ: الخميس 2-5-2019
رقم العدد : 16969
السابق
التالي