تقول الفنانة التشكيلية دعاء البسطاطي (لا أستطيع أن أعبّر عمّا يجول في داخلي بالكلام، لذلك تركت لريشتي أن تبوح بأسراري، واستطعت أن أحطم قيودي لأخرج من قفص العزلة وأعبر على جسر ترصفه قدماي وأنا من ولدت دون يدين، وأصبح الفن والرسم شغفي الأول لذلك أطلقت لروحي العنان وتركت لخيالي أن يجوب العالم ليحط على (الحلم المستحيل) وهو عنوان معرضي الذي استضافه فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب في ختام أيام نيسان للإبداع الشبابي).
وتميّز هذا النشاط بحضور عدد من الشعراء الشباب (أحمد الكردي، علي محيميد، شرف الدين رمضان) وقدمته الإعلامية نجوى صليبه، وكانت البداية من مداخلة د. سكينة جديد التي تحدثت عن تجربة الفنانة دعاء البسطاطي التي تميزت بلوحاتها وتقنيتها اللافتة في تقديم رسائلها عبر صورة المرأة المحلقة دائماً في عالم الطموح اللا محدود كأحلامها التي لا تنتهي تقول:
بأجنحة من خيال وإرادة تحلق دعاء البسطاطي في عالم من الألوان، عالم صنعته باجتهادها وموهبتها، فالرسم شغفها الأول والألوان لغتها المعبرة، أحلامها لا حدود لها، تستعير من الطيور أجنحتها، تحلق معها إلى فضاء واسع تسعى إليه لتحط الرحال في كل مرة في ميناء التميز والإبداع.
ومن ينظر إلى لوحاتها يدرك موهبتها الفذة وأنه أمام فنانة امتلكت أدواتها واستطاعت أن تحطم قيود «الإعاقة» وتغوص في عالمها وتجوب حارات دمشق التي تسكن روحها، فهي ابنة هذه المدينة العريقة القوية الصامدة.
ويبين محمد النائلي الذي يتابع دعاء البسطاطي ويواكب نشاطاتها بأنها فنانة حقيقية تعزف بألحان رومانسية لتحكي قصة الأمل والفرح المخبّأ في أعماق شخصيتها وترسم مشاعر وأحاسيس أنوثة حالمة.
ألوان لوحاتها وأسلوبها في الرسم العكسي على الزجاج تجيب عما يدور في خلدك من أسئلة، فتكاد تقرأ حروف اسمها كلما نظرت إلى واحدة من لوحاتها التي تروي قصص الأجنحة التي تحلق بها دائماً.
وكما الرسم بالريشة والألوان، نواكب الرسم بالكلمات عبر شعراء شباب، خبروا معنى الكلمة المنتقاة بعناية والمرصوفة بحرفية عالية، فكان للشاعر أحمد الكردي قصيدة (أنا الغريب) نقتطف منها:
ياشام إن تسألي من أنت يا رجلاً
ماذا أجيب، وهل في الجرح ما ينقل
أنا الحبيب الذي ماتت حبيبته……
هم الشباب بتطلعاتهم وأحلامهم يرسمون خطاهم، ورغم أن الطريق ليست معبدة لكنهم يمتطون العزيمة والإرادة، كيف لا وهم أبناء مجد وحضارة وعراقة آلاف السنين.
يقول الشاعر الشاب شرف الدين رمضان في قصيدته:
ولدت بنصف انتماء ونصف هوية
فكان الهواء قضية، وكان الخروج من البيت أيضاً قضية
وكان فضولي يسائلني، أين نحن من الأبجدية
وحين كبرت فهمت، بأني كل القضية
وكل حروفي تدل على الأبجدية
على مدى ثلاثة أيام قدم الشباب نتاجاتهم الأدبية (شعر، قصة، رواية) وقد احتضن فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب هذه الفعالية، وقد أبدى الشباب تميّزاً لافتاً في نتاجاتهم التي تحتاج رعاية حقيقية لتثمر إبداعاتهم تنطلق في عالم الأدب، وهذا ما أكد عليه بعض الحضور في مداخلاتهم، هذا إلى جانب استقطابهم إلى المنابر الثقافية لتكون الحاضن البدهي لهم، وخصوصاً أننا ما زلنا نعاني من تبعات الحرب وما خلّفته في نفوس هؤلاء الشباب من خيبات وتحديات.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الجمعة 10-5-2019
الرقم: 16974