قــــروضٌ خرافيَّــــــة

لا ندري ما الحكمة من هذا التردّد كله في منح القروض، ولا ندري أيضاً ما هذا الإبطاء السلحفاتي في البدء فعلياً بتشغيل مؤسسة ضمان القروض التي كان المصرف المركزي قد أعلن عن إطلاقها منذ أكثر من سبعة أشهر، وأن مجلس إدارتها قد صار منتخباً، ما يعني أن العمل قد ابتدأ، أو على الأقل صار وشيكاً، وكان يمكن للمتابعين أن يُقدّروا الانشغال بالتأسيس لمدة شهر أو شهرين.. ثلاثة.. أمّا وقد أعلن البنك المركزي عن إطلاقها في الشهر العاشر من العام الماضي، وحتى الآن (لا حسّ ولا خبر) وكأن هذا الإطلاق ليس إطلاقاً باتجاه العمل، أكثر مما هو إطلاق باتجاه النوم في سُباتٍ عميق..!
لقد نامت هذه المؤسسة المرتقبة بما فيه الكفاية، إذ مضى على تأسيسها أكثر من أربع سنوات (القانون 12 لعام 2016) فماذا كانوا يفعلون طوال هذا الزمن..؟!
ليكونوا قد فعلوا ما فعلوه.. ولكن الآن، لِمَ هذه الأشهر كلها، وهم في حالة الإطلاق.. واللاإطلاق..؟!!
الثمرة المرّة التي نجنيها الآن من هذا السُّبات غير المهضوم إطلاقاً، وغير المبرر، ومن هذا الجمود المستمر لمؤسسة ضمان مخاطر القروض، الحاضرة بغيابها وحده، هو هذا المشهد المصرفي المُعقّد المرير فعلاً، الذي راح يداهمنا بسبب عودة بعض البنوك هي الأخرى إلى ما أسمته (إطلاق) باقة غنية من قروض التجزئة تتنوع من قرض الترميم والقرض الشخصي وقرض التعليم، وصولاً إلى القرض المهني، وهي قروض تختلف شروط كل منها حسب الشرائح الموجهة لها، إلا أنها تشترك في معظمها بشروط موحدة لجهة ثبوتيات التعريف والدخل والضمانة.
هكذا تصف بعض البنوك (باقاتها الغنية) من القروض المزعومة، وهي في الواقع باقات فقيرة، لا طعم لها ولا فائدة، ولن تستطيع إلا بعض الحالات الاستثنائية جداً من أن تحصل على القرض، نتيجة الشروط المرهقة والضمانات التعجيزيّة، فالقرض الذي يمكن أن يحصل عليه طبيب تخرّج حديثاً ويريد أن ينطلق هو الآخر ويفتتح عيادته الجديدة، يصل إلى /30/ مليون ليرة، هذا جيد، ولكن هذا القرض لمدة عشر سنوات، ما يعني أنّ القسط الشهري سيكون /250/ ألف ليرة لتسديد قيمة القرض فقط، أي بدون الفوائد، التي قد تقفز بالقسط إلى حدود /300/ ألف ليرة.
وليس فقط كذلك، فعلى هذا الطبيب أيضاً أن يُقدّم ضمانة عقارية مقبولة من قبل البنك، لا تقل قيمتها عن /60/ مليون ليرة سورية..! فأيهما أشرف للطبيب الدخول في غمار هذا القرض الخرافي..؟ أم يبقى قابعاً ساكتاً في بيته..؟ أعتقد أنّ الحكيم سيختار البيت (أشرف وأربح وأنشف له).
هنا تأتي أهمية مؤسسة ضمان القروض (المنطلقة النائمة) لتعفي هؤلاء الأطباء وغيرهم من أصحاب المهن القابلة للتمويل من هذه الضمانة العقارية، والتخفيف من تلك الشروط القاسية، فهكذا مؤسسات يكون لها براعتها في تقييم المشروع وعمله وجدواه، وبعد يقينها من الجدوى تتصدّى هي لضمانة القرض، ولذلك آن لها أن تستيقظ، كي يهدأ هذا الألم الصاخب.

علي محمود جديد
التاريخ: الاثنين 13-5-2019
الرقم: 16976

آخر الأخبار
الشركة العامة للطرقات تبحث عن شراكات حقيقية داعمة نقص في الكتب المدرسية بدرعا.. وأعباء مادّيّة جديدة على الأهالي اهتمام إعلامي دولي بانتخابات مجلس الشعب السوري إطلاق المؤتمر العلمي الأول لمبادرة "طب الطوارئ السورية" الليرة تتراجع.. والذهب ينخفض حملة "سراقب تستحق" تواصل نشاطها وترحل آلاف الأمتار من الأنقاض مؤسسة الجيولوجيا ترسم "خريطة" لتعزيز الاستثمار المعدني تعاون رقابي مشترك بين دمشق والرباط تراجع الأسطول الروسي في "المتوسط".. انحسار نفوذ أم تغيير في التكتيكات؟ إطلاق الكتاب التفاعلي.. هل يسهم في بناء نظام تعليمي متطور؟  خبز رديء في بعض أفران حلب "الأنصارية الأثرية" في حلب.. منارة لتعليم الأطفال "صناعة حلب" تعزز جسور التعاون مع الجاليات السورية والعربية لبنان: نعمل على معالجة ملف الموقوفين مع سوريا  شهود الزور.. إرث النظام البائد الذي يقوّض جهود العدالة التـرفـع الإداري.. طوق نجاة أم عبء مؤجل؟ سقف السرايا انهار.. وسلامة العمال معلقة بلوائح على الجدران أبطال في الظل في معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين لماذا قررت أميركا تزويد أوكرانيا بعيونها الاستخباراتية لضرب عمق روسيا؟ ختام مشروع وبدء مرحلة جديدة.. تعزيز المدارس الآمنة والشاملة في سوريا