بعد لقائي به أيقنت أن من يُتقن ويجيد مقارعة الإرهاب يملك في داخله الكثير من الإحساس المرهف والمواهب والرؤى الابداعية، حيث لم تقف جراحه ولا بتر رجله عائقاً أمام عشقه لوطنه وحبه للحياة، فأثمر إبداعه فناً كما أجاد فنون القتال في الميدان، إنه الجريح البطل علي برهوم.
بعد الإصابة بسنتين ونصف السنة، وبعد أن بات المنزل لزاماً عليه بدأ باستحضار هواياته التي كان يحبها في الطفولة ولم تسمح له الظروف بتحقيقها، فهو يحب الرسم والموسيقا، يعزف ويدندن على العود للتخفيف عن نفسه. ثم يعود إلى شريط ذكرياته ويستحضر صور ووجوه زملائه الشهداء والجرحى ممن خاضوا المعارك وسجلوا البطولات والانتصارات معاً. وبأنامله الرشيقة يمسك قلم الرصاص ويسكب فيض مشاعره وأحاسيسه ليرسم لوحة فنية تحاكي الواقع كما هو. فكل عمل من أعماله يجسد حالة بطولية لشهيد أو جريح.
الجريح البطل قدم معرضاً خاصاً به ضم (65) لوحة معظمها للشهداء، لقد رفض أن يكون عبئاً على أسرته التي وقفت إلى جانبه ورفعت معنوياته، فقرر أن يكون منتجاً يخوض غمار الحياة كما خاضها في أرض المعركة.
في مدرسة الحياة وأمام هذا المبدع وغيره من رفاق السلاح نقف عاجزين عن تقديم ما قدمه وإعطاء ما أعطاه فله منا كل الحب والتقدير، وسيبقى مع رفاقه نبراس الوطن وشعلته.
الثورة – عبير علي:
التاريخ: الأربعاء 15-5-2019
الرقم: 16978