كوابيس اليقظة ضجت بليله فخرج نتنياهو في صراخ عدوانه إلى ساحة العدم السياسي… إعادة الانتخابات جرته من أذنه إلى الدعاية ذاتها… العدوان على سورية… لكن هذه المرة من دون تهيؤات (نقل السلاح إلى المقاومة) بل رأى بعينه المجردة خطف صندوق انتخابه، فاختار المنازلة مع ليبرمان في الأجواء السورية… وسقط الرهان… ليس مهماً…
المهم أن يصدق المنتخبون لرئيس حزب الليكود أن إسرائيل ليست بأمان، وأن نتنياهو هو (السوبرمان) لإنقاذها، ولأن المجتمعين في قمم مكة باتوا أصدقاءه، فمن غير سورية وإيران يهدد وجوده…
لذلك خرج رئيس الحكومة في ساعات قلقه الليلي للعدوان على غرب دمشق، وللسبب ذاته استدعى روسيا إلى مباحثات مشتركة مع واشنطن في القدس خلال الأيام القادمة.. هناك تغيير في الصفقة (صفقة القرن).
ثمة صفقة من عيار إسعافي لانتشال نتنياهو من غرق الانتخابات… سيحاول فيها كل من نتنياهو وترامب الرقص على نهاية الملف السوري لإغراء موسكو بالضمانات، وبأن عصافير السلام ستزقزق من الجزيرة السورية وربما إدلب!
الحنكة الإسرائيلية ليست بقبول روسيا أو رفضها، بل بالصور التذكارية لذلك العرض، والتي ستمدد الإقامة لنتنياهو في الساحة السياسية حتى موعد إعادة الانتخابات… نتنياهو وأردوغان مصابان بداء إعادة الانتخابات، فهل تنتقل العدوى إلى ترامب؟!
اللافت أن رئيس الكيان الإسرائيلي لم يتكئ يوماً في إحراز النقاط على مظاهرات (العكل) في القمم الخليجية، وما يدور في فلكها… هو اليوم يستغيث بروسيا رغم وجود ترامب على يمينه وكل عباءات الخليج على يساره..
يفرشون له مؤتمر البحرين ولا يقوى نتنياهو على المشي للانتخابات رغم أعراس صفقة القرن، واعترافات ترامب بالجولان والقدس.. من باع صكوك الغفران فلن يشتري (هيكل سليمان) بصكوك ترامب…
ثمة من يقول إن الجزء الثاني لصفقة القرن سيكون بعد انتخابات ترامب… ونقول لو امتلك ترامب نصفها الأول لوضعها كلها في صندوق ترشحه لولاية ثانية.
لكنه الاستعصاء قاد الاثنين نتنياهو وترامب أسيرين إلى طاولة مفاوضات مع موسكو… وأرجع مايك بومبيو من منابر التهديد بالحرب على إيران إلى غرف التأديب قبل التفاوض مع طهران.. فهل رأى أردوغان المشهد؟
لا يبدو أنه مطلوب من أردوغان أن يرى… هو اليوم يفعل ما تريده واشنطن وينفذ في (خدمته الإلزامية) في إدلب من دون أن يعترض… فالرجل كغيره من الإرهابيين لم يعد لاعباً بل ورقة للتفاوض على طاولة الدول الكبرى حاله حال «قسد»…
حلم السلطان تقلص لتبدو السلطنة في الميزان السياسي بحجم إدارة ذاتية تحضر في أحلام انفصالية وتذهب بحسب قوة الإشارة الأميركية!! من قال إن أردوغان لم يتقمّص شخصية الدونكشوت فليرقبه في الأيام القادمة!!
في الأيام القادمة.. الدول الكبرى روسيا وأميركا ومعها سورية وإيران هي فقط محرك الأحداث في أجواء الشرق الأوسط… أما المنخفضات القادمة من الخليج ومن تركيا… فرياح المفاوضات في تجاذباتها وتصادماتها هي من تقرر أين تتلاشى وأين تظهر؟!
كتبت عزة شتيوي
التاريخ: الاثنين 3-6-2019
الرقم: 16992