ثلاثة اجتماعات قمة عُقدت في مدينة مكة المُكرمة، إسلامية، خليجية، وعربية، طارئة أو استثنائية أو عاجلة، لا يَهم التوصيف، ولا تَهم العناوين، ولا تَهم النتائج أيضاً!.
قَبلها، أي منذ اختَطَفَ أعراب الخليج جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، عُقدت لقاءات مُتعددة على مستوى القمة، وأخرى على مُستويات وزراء الخارجية، والمَندوبين، كان الصوتُ الوهابي مُرتفعاً بكل هذه اللقاءات.
البياناتُ الختامية لهذه الاجتماعات غالباً كانت تُكتب باليد الصهيونية والحبر الوهابي، ودائماً تحت الإشراف الأميركي، نَتَحدثُ عن الاجتماعات – بعد الاختطاف – العربية والإسلامية، لا عن الخليجية التي هي بالأصل لها حساباتها المُختلفة إذ لم تكن مرة لتَنعقد إلا لتأدية الخدمة لغاية صهيوأميركية جديدة أو مُستجدة.
تَوصيف قمم مكة الأخيرة بالطارئة، ربما يَكشف تفاهة وسخافة الداعي لها، وإذا كان هذا التوصيف يُظهر عجزه واستغاثته، فإن العناوين التي انعقدت تحتها تُمثل الفضيحة بكل المقاييس، وربما كان المُتفائل بين المُجتمعين يتوقع نتائج قيمتها لا تُساوي الصفر حتى!.
حتى الظاهرة الصوتية، لا تَنطبق على الحالة التي جرى التَّحشيد لها.. لاحظوا: في مكة، في العشر الأواخر من شهر رمضان، تجتمع الدول الإسلامية، الدول العربية، المَحميات الخليجية.. ثم لا يتحقق أيّ شيء، أيّ هدف، أيّ غاية سوى الاجترار لما صار مُقززاً إعادة طرحه، ليَبرز السؤال الأكثر أهمية حول الحضور إلى مكة، مُوجباته، ضَرورته، ومَخاطر التخلف عنه!.
إذا كان الخليج بحالة انقسام، تَنازع، تَحارب، يُواجه خطر انهيار خيمة مجلس التآمر خاصته، وإذا كان منذ حزيران 2017 لا يعرف سبيلاً لاجتماع، فما الذي يدفع الدول العربية، والإسلامية، لتلبية دعوة وهابية لاجتماع طارئ؟ ولماذا يَحرص الجميع على الحضور فلا يُسجَّل اعتذار أو تَخلف رغم أن البعض كان يفعل ذلك سابقاً؟!.
نَعتقد أن المشكلة الأهم هي في الحضور إلى مكة أو سواها تلبية لدعوة سعودية وهابية، ويُضاعف من المشكلة أن تُلبى الدعوة للحضور والمُشاركة رغم معرفة العناوين المطروحة، ورغم التعرف على الغايات القذرة التي يَلهث خلفها – كما الكلاب – بنو سعود ونتنياهو وآخرون من هنا وهناك!!.
هدفُ اجتماعات مكة الأساسي هو الاستقواء بالحضور المُكثف والاستجابة السريعة، وهو ما لا يَنفصل عن الغايات الأخرى: انتزاعُ التأييد لمواصلة العدوان على اليمن، لاستمرار التعرض لسورية، وللتحشيد الدائم ضد إيران والتصويب عليها، ولتَبقى الغاية الأشد قذارة تصفية القضية الفلسطينية وتمرير (صفقة القرن)! فهل يُفهم من الحضور إلا المُوافقة؟ أم يُفهم من الحرص على عدم التخلف حالة جُبن، خشية الغضب الوهابي الصهيوني، والبطش الغربي الأميركي؟.
في الحالتين، المُشكلة في الحضور إلى مكة، وإلى كل اجتماع تدعو له الوهابية وأعراب الخليج، ذلك أنه إذا كان الخليج باع شرفه ويدفعُ للتخلي عن فلسطين، وباتجاه الشراكة مع إسرائيل، فيُعتقد أن المُقاطعة وعدم الحضور يُمثل أضعف الإيمان، إذ لا يَنفع بهذه الحالات الحضور مع تسجيل تحفظ هنا أو نأي بالنفس عن جزئية هناك!.
علي نصر الله
التاريخ: الاثنين 3-6-2019
الرقم: 16992