معســـكر الحـــــرب علــــى إيـــران وترامـــب المعلــــق في أعلــــى الشـــــجرة

فيما حافظ (معسكر الحرب) في واشنطن على لهجته التصعيدية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، جاء كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليغير مجرى الأزمة المتصاعدة بين طهران وواشنطن فيما بدا أنه تحول واضح في الموقف الأميركي حيال قرار المواجهة المباشرة مع إيران، وصفعة مؤلمة للمعسكر المحرض والداعي للحرب على الأخيرة، المعسكر الذي يقوده صقور الكونغرس والبيت الأبيض بضغط ودعم وتحريض من الكيان الصهيوني والنظام السعودي.
التحول المفاجئ في موقف الرئيس ترامب جاء بعد يوم واحد من فصل جديد من فصول التصعيد الأميركي والتي جسدها مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون باتهام طهران بوقوفها وراء تفجيرات الفجيرة، وهذا الموقف الجديد لترامب ينقل الأزمة إلى الكتف السياسي لكنه يبقي على الكتف الأخرى محملة بكل أنواع الضغوطات والتهديدات والخيارات، إلا أن قراءة التحول الأميركي حيال التعاطي مع الملف الإيراني إن حافظت على طابعها وزخمها وإيقاعها لجهة محاكاة الواقع بهدوء وعقلنة ومنطقية، لابد أنها تستند إلى كثير من المعطيات والمعلومات التي وصلت إلى ترامب حول كارثية المواجهة مع طهران خصوصاً في هذه المرحلة الفاصلة التي يمر بها المشروع الأميركي الغارق في وحل الهزائم.
قبل الدخول في أبرز الأسباب التي دفعت ترامب لتغيير موقفه بين ليلة وضحاها نشير أن القرار الأميركي بشن حرب على إيران أو حتى توجيه ضربة قاصمة لها، لم يتخذ بعد داخل مركز القرار الأميركي بوجهيه الظاهر والمخفي – البنتاغون البيت الأبيض، اللوبيات الضاغطة، الكونغرس، معسكر الحرب، مستشاري ترامب – وهذا مرده إلى عدم توفر قراءة ودراسة واضحة على طاولة الرئيس الأميركي حول الأثمان والتداعيات والارتدادات الكارثية التي سوف تلقيها على المشهد الإقليمي والدولي أية مواجهة مع إيران في ضوء التحالفات والمحاور والانزياحات الموجودة أو تلك التي سوف توجدها أية حرب في المنطقة.
أبرز تلك المعطيات التي دفعت ترامب إلى تغيير لهجته العدائية لإيران تتمثل فيما وصل إلى مسامعه من بعض الأطراف العربية والغربية التي تعمل كوسيط لنزع فتيل الأزمة، بأن المواجهة مع إيران قد تؤدي إلى حرب شاملة وأن إعلان الحرب ضدها قد يدخل أطراف حليفة لها في المنطقة وخارجها بشكل أوتوماتيكي في الحرب بغض النظر عن علاقة تلك الأطراف بالولايات المتحدة، وهذا بحد ذاته منتهى الجنون لإنه قد يدفع بالمنطقة والعالم إلى حافة الهاوية، وبالتالي فإن معالجة الملف النووي الإيراني بالطرق السياسية أفضل بكثير من الطرق الأخرى لأن الأثمان هناك سوف تكون أقل بكثير من أثمان الحرب والمواجهة، وعقلية التاجر الصرف التي يمتلكها ترامب ربما تكون وراء تحوله المفاجئ في موقفه هذا، مع ما يضاف إلى ذلك من تصريحات سابقة له أكد فيها عدم رغبته بدخول حرب ضد إيران منتقداً بعض الأشخاص داخل إدارته كونهم يحرضونه على اتخاذ خيار الحرب ضد الجمهورية الإيرانية.
إذاً ترامب مع تصريحاته الجديدة حيال التعاطي مع طهران والتي كانت مثيرة للاستغراب أعاد الأمور إلى مرحلة ما قبل التصعيد، لكن ذلك لا يعني إلغاء خيارات المواجهة والتصعيد، إذ يمكن أن تكون هذه اللهجة الأميركية الجديدة جزء من سياسات الابتزاز والصفقات التي يتقنها ترامب جيداً، لكن ما يمكن قوله إن ترامب في موقفه الجديد يكون قد ضرب بعرض الحائط كل الخطوات التصعيدية التي اتخذتها إدارته خلال الأيام القليلة الماضية ومنها البنود الـ 12 التي عرضها وزير خارجيته مايك بومبيو في وقت سابق بشأن ما أسماه (معسكر الحرب) تغيير السلوك الإيراني وما يتبع ذلك من ادعاءات ومقولات عدم التدخل في شؤون المنطقة والتقوقع في داخل الحدود الإيرانية.
بكافة الأحوال لا يمكن أخذ الموقف الأميركي الجديد على محمل الجد والمصداقية ما لم يتبع ذلك خطوات عملية على الأرض، ولعل ترامب بهذا المواقف يكون قد أدخل بلاده في دائرة اختبار حسن النوايا لا كما يتصور الآخرين بأن الكرة الآن بات في الملعب الإيراني، وهذا ما عبرت عنه طهران بشكل واضح بالأمس حين أكدت أنه لا يمكن منح ترامب هذا امتياز حسن النوايا قبل تغيير سلوكه والعودة إلى الاتفاقيات الدولية بحسب ما قالته وزارة الخارجية الإيرانية تعقيباً على تصريحات ترامب الأخيرة في اليابان التي بدأت وساطة مع إيران وبطلب أميركي من ترامب.
(الفظاعات) التي تتركها الحروب والتي تحدث عنها ترامب خلال زيارته لطوكيو ومن باب المزايدة وإثارة المشاعر وتحقيق انتصارات معنوية تشكل له رصيداً يكفي للتغطية على انزياحات مرتقبة في السياسة الأميركية حيال أزمة الملف النووي، لا يمكن أن تنتج قراءة عميقة ودقيقة للمرحلة المقبلة، إلا أن ما يمكن قوله في هذا الصدد أن معالم التحولات نحو خفض التوتر بدت رياحها مؤثرة في المشهد كارتداد مؤكد للموقف الواضح والصلب والمقاومة للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي أعلنت بشكل صريح أنها لا تريد الحرب لكنها لا تخشى وقوعها.

 

فؤاد الوادي
التاريخ: الثلاثاء 4-6-2019
الرقم: 16993

 

 

 

آخر الأخبار
New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق The national interest: بعد سقوط الأسد.. إعادة نظر بالعقوبات على سوريا بلدية "ضاحية 8 آذار" تستمع لمطالب المواطنين "صحافة بلا قيود".. ندوة لإعداد صحفي المستقبل "الغارديان": بعد رحيل الديكتاتور.. السوريون المنفيون يأملون بمستقبل واعد باحث اقتصادي لـ"الثورة": إلغاء الجمرك ينشط حركة التجارة مساعدات إغاثية لأهالي دمشق من الهلال التركي.. السفير كوراوغلو: سندعم جارتنا سوريا خطوات في "العربية لصناعة الإسمنت" بحلب للعمل بكامل طاقته الإنتاجية الشرع والشيباني يستقبلان في قصر الشعب بدمشق وزير الخارجية البحريني عقاري حلب يباشر تقديم خدماته   ويشغل ١٢ صرافا آلياً في المدينة مسافرون من مطار دمشق الدولي لـ"الثورة": المعاملة جيدة والإجراءات ميسرة تحسن في الخدمات بحي الورود بدمشق.. و"النظافة" تكثف عمليات الترحيل الراضي للثورة: جاهزية فنية ولوجستية كاملة في مطار دمشق الدولي مدير أعلاف القنيطرة لـ"الثورة": دورة علفية إسعافية بمقنن مدعوم التكاتف للنهوض بالوطن.. في بيان لأبناء دير الزور بجديدة عرطوز وغرفة العمليات تثمِّن المبادرة مباركة الدكتور محمد راتب النابلسي والوفد المرافق له للقائد أحمد الشرع بمناسبة انتصار الثورة السورية معتقل محرر من سجون النظام البائد لـ"الثورة": متطوعو الهلال الأحمر في درعا قدموا لي كل الرعاية الصحية وفد من "إدارة العمليات" يلتقي وجهاء مدينة الشيخ مسكين بدرعا