ظاهرة الحرائق في حقول القمح ليست جديدة ففي كل المواسم تتعرض بعض الحقول للحرائق لأسباب متعددة منها إهمال من أصحاب الحصادات، وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة من صيانة وأجهزة حماية من الشرار الذي يتطاير أحياناً، أو بسبب إلقاء سيجارة من أحد المواطنين دون قصد… لكن هذا الموسم الأمر مختلف تماماً، سواء لجهة المساحات الواسعة التي احترقت أم ارتباط هذه الحرائق بالظروف الصعبة التي تتعرض لها البلاد.
صحيح أنه لم يتم حتى الآن ضبط حالات معينة بالجرم المشهود لكن ما يحدث ليس عادياً ويختلف كثيراً عن الحرائق التي كانت تحدث في المواسم السابقة، وبالتالي لا يمكن النظر إلى ما يحدث إلا من خلال ارتباطه بالحرب العدوانية على سورية وشعبها وعلى قاعدة أن موسم الحبوب هو أيضاً معركة في هذه الظروف الصعبة وأحد أشكال التحديات التي يواجهها الشعب السوري عبر تمتين الخندق الاقتصادي ولا سيما بعد أن أثبتت وقائع العمل في القطاع الزراعي منذ بدء الحرب العدوانية الظالمة على سورية حقيقة أن سورية تحقق أمنها الغذائي بفضل سياستها الحكيمة وكانت من أوائل دول المنطقة التي تصدر القمح وبالرغم من الظروف المناخية الصعبة وقلة الموارد المائية فما زالت سورية توفر الأمن الغذائي بفضل اليد المنتجة والعقل المفكر وتضافر الجهود حيث تضع المؤسسة العامة للحبوب بمؤازرة وزارة الزراعة والاتحاد العام للفلاحين أفضل الأساليب التي من شأنها استلام المحصول من المنتجين وهذا كله يجسد الاهتمام بالزراعة والمنتجين وإعطاء الأولوية للقطاع الزراعي لأن هذا القطاع هو قطاع مهم في الاقتصاد الوطني ويجب أن يستمر قوياً فهو الذي يؤمن الأمن الغذائي ويشغل أكثر من /50/ بالمئة من العمال والفلاحين ولذلك أيضاً كان التأكيد دائماً على أن قطاع الزراعة لن يعيش على قوانين السوق المطلق وإنما هو قطاع مدعوم بامتياز، واليوم بعد أن أدرك الجميع بعد الحرب العدوانية على سورية أن المستهدف هو المواطن السوري بالتالي علينا أن نفهم من أين يجب أن يكون غذاؤنا حتى يمكن أن نتخذ القرار المستقل ونحقق أمننا الغذائي بأيدينا.. كما أن المواطن السوري أدرك أيضاً أن ثمة منعكسات طبيعية لهذا الواقع على الاقتصاد الوطني وقد عانى الجميع من ارتداداتها على الحياة المعيشية وكان لا بد من التغلب على الصعاب والرهان على أن تبقى الحياة مستمرة بالإرادة الصلبة ويتسلح المواطن بثقته وإيمانه العميق بحتمية الانتصار وعودة الخير إلى سورية كما كانت دائماً. ولذلك كله لا بد من معرفة من يقف وراء الحرائق في حقول القمح وإذا كانت هذه المساحات قد احترقت يجب أن يتعاون الجميع كي لا تلتهم النار الحقائق أيضاً.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 4-6-2019
الرقم: 16993