قدرت الدراسات العامة والخاصة تكلفة معيشة الأسرة السورية بحدها الأدنى بما يزيد على مئتي ألف ليرة سورية في الشهر لعائلة مكونة من خمسة أشخاص، وهذا الرقم يزيد بكثير عن أعلى راتب يتقاضاه أرفع موظف، وهذا الرقم يعادل أربعة آلاف دولار مع العلم أن الدولة تدعم الخبز والمشتقات النفطية والكهرباء والطبابة والتعليم.
ضمن هذه المعطيات هناك من يطرح تحرير الأسعار ويقترح أن يتم توزيع الدعم وهنا يُمكن أن نسأل أصحاب الطرح ، ما هو المبلغ الممكن زيادته على الراتب حتى نقترب من تكلفة معيشة الأسرة قبل تحرير الأسعار ؟ وما هي تكلفة معيشة الأسرة بعد تحرير الأسعار ؟
إن في الطرح خروج صارخ عن الواقع ، وفيه غياب للمنطق، إلا إذا كان من يطرح ذلك يريد الذهاب بالبلد إلى مجهول ربما يدركه صاحب الطرح وحده.
عندما تسأل بعض السوريين الذين غادروا البلد عما يتقاضوه من الراتب يكون الجواب ما بين 2500 دولار و3000 دولار وهو اقل من تكلفة معيشة الأسرة السورية وهنا المفارقة العجيبة ، ولكن الجواب ليس غريباً فالمجتمعات الغربية استطاعت ضبط الأسعار في حين فشلنا نحن في تطبيق أي صيغة ضبط، كثير من الدول استطاعت تطوير صناعاتها المحلية المنافسة لمنتجات الدول الأخرى فيما لا تزال صناعتنا المحلية عبء على الدولة، وبمثال بسيط يُمكن أن ندرك حجم الكارثة في صناعتنا الوطنية، خلال أيام ارتفع سعر كيلو البوظة بشكل لافت وهنا نسأل: ما هي التكنولوجيا المُستخدمة في تصنيع البوظة كي ترتفع بهذا الشكل ؟ وما هي المواد المستوردة في هذه المادة؟.
ضبط تكلفة الإنتاج ووضع آلية دقيقة للتسعير على أساس تكلفة الإنتاج الحقيقية هي أفضل بألف مرة من زيادة الراتب بأي نسبة، ووضع آليه للتسعير هي الخطوة الأساس في كل ذلك، فمن يطلع على مُفصل تكلفة إنتاج طن الاسمنت وطن السماد وكيلو الكهرباء والمتر المكعب من الغاز يُدرك حجم الكارثة في الأسواق ، وتكون الكارثة اكبر عندما نقارن بين مُنتجاتنا والمُنتجات المستوردة والسعر العالمي، لأنه لا تصح المقارنة هنا، وهذا تفسره أسعار المنتجات المستوردة التي تباع بسعر اقل من المنتجات الوطنية رغم جودتها الأعلى وتكاليف الشحن والاستيراد.
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 4-6-2019
الرقم: 16993