ثورة اون لاين: ما تشهده الساحة السورية من عنف وقتل وسفك دماء لم تعد الإدانة والتباكي عليه او التحذير من تداعياته كافيا ، فهذا اصبح من قبيل لزوم ما لا يلزم وتنويع على ما سبق فلابد من مواقف عملية وواضحة وحاسمة تتخذها الدول الكبرى والمنظمات الدولية وكل من يدعي الحرص على الدم السوري تساهم في وقف دوامة العنف ووضع حد للمأساة او لنقل الكارثة الوطنية والسعي الصادق لأجل الوصول الى حل سياسي عبر حوار وطني واسع الطيف ينتهي بخارطة طريق يرسم السوريون ملامحها وخلاصاتها .
ان الغرب الذي يتحدث عن خطر الارهاب على بلدانه ويخشى انتقاله اليه من سورية يقع في ازمة اخلاقية فهو لا يرى اية مشكلة باكتواء السوريين بنيرانه بل ويشجع عليها ولكن الخوف هو بانتقاله اليه وهنا تكمن العنصرية الاوربية وليس ازدواجية المعايير وانما انعدام البعدالانساني والاخلاقي في مقاربة دول الغرب للازمة السورية والاستنسابية والانتهازية في التعاطي مع موضوعة الارهاب .
ان لا مبالاة الغرب بما يجري من مجازر وقتل وسفك دماء في سورية والمتمثل في عدم اتخاذ مواقف عملية وجدية تدفع باتجاه العملية السياسية من خلال الضغط الفعلي على اطراف المعارضة المرتبطة معه يجعل من دوله شريك ومحرض وفاعل في الجريمة المستمرة التي ترتكب بحق السوريين بدون استثناء ففي الرقت الذي تعلن فيه الحكومة السورية موافقتها على الحوار غير المشروط ومع كل اطراف المعارضة وتقديمها رؤية للحل تساهم في الخروج من الازمة انطلاقا من اولوية وقف العنف واعادة المهجرين والتخفيف من معاناة السوريين – وهي اولويات المواطنين جميعا – نجد اكثر اطراف المعارضة ولاسيما المسلحة منها والمدعومة من دول الغرب وبعض دول الاقليم تقفز فوق ذلك وتضع السلطة والحكم اولوية في حساباتها وهي اولويات القوى الخارجية الداعمة لها لان حساباتها واستراتيجياتها واجندتها مصلحية الطابع وسياسية المحتوى و تصب في اطار الصراع الدولي على المنطقة التي تختزن في مطوياتها الغاز والنفط وخطوط نقلهما اللذان يمثلان شريان الحياة وعصب الاقتصاد العالمي في ظل الصراع المحموم بين القوى الكبرى والناهضة على السيادة الاقتصادية في عالم تتشكل فيه خرائط سياسية جديدة وفق المعطى الاقتصادي وليس العسكري فقط .
لقد اصبحنا – ومع الاسف – في عالم تتقدم فيه المصالح الاقتصادية ونهب الثروات على كل المعطيات الاخلاقية والانسانية في ظل عولمة متوحشة لا تتوانى عن الاستثمار في الحروب والازمات لا بل والتفنن في اثارتها واشعال حرائقها لتحصد وتجني حاصلها الاقتصادي والسياسي وتتاجر في ابعادها الانسانية والاخلاقية تحت يافطة الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان .
لقد عرت الازمة السورية وكشفت الكثير من الاكاذيب والعناوين المخادعة التي كانت بعض القوى والمنظمات الاقليمية والدولية تطلقها بهدف تغطيتها لاطماع ومصالح مغرقة في ذاتيتها منها ادعاء محاربة الارهاب ،واحترام مبدأ السيادة الوطنية ، والشراكة الاقتصادية ،والمسؤولية الدولية، وحقوق الانسان والموطن، والحرص على العيش المشترك والتناغم والانسجام بين مختلف الديانات والثقافات، والحرص على السلم والامن الدوليين ، وتبين انها تأتي خامسا وسادسا وعاشرا بل ويداس عليها عندما تصطدم او تتعارض مع استراتيجيات ومصالح قوى الهيمنة والاستكبار وهنا يثبت للحميع ان وهج المصالح اقوى بكثير من وهج المبادئ والافكار ؟
د. خلف المفتاح