حماية المدنيين من جرائم الإرهابيين واجب على الحكومة السورية… الجعفري أمام مجلس الأمن: تحسين الوضع الإنساني مرهون بالتصدي للتدخلات السياسية والعسكرية والاقتصادية الخارجية
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن الإرهابيين يتخذون من المدنيين دروعا بشرية، وأن من واجب الحكومة السورية الدفاع عن مواطنيها والردّ على مصادر إطلاق القذائف التي يطلقها الإرهابيون والعمل على مكافحة الإرهاب، وفقا لما نصت عليه شرعية القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بهذا الصدد.
وجدد الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الحالة في الشرق الأوسط، التأكيد على أن الطريق لتحسين الوضع الإنساني واضح للجميع ويقتضي الالتزام التام باحترام سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة وسلامة أراضيها، ورفع التدابير القسرية غير الشرعية ودعم جهود الدولة السورية في المجالين الإنساني والتنموي، وفي الإجراءات التي تتخذها لمكافحة الإرهاب.
وقال الجعفري: اطلعنا على التقرير الحادي والستين حول تنفيذ القرارات التي يفترض أنها ذات طابع إنساني وأنها ستساعد في دعم جهود الدولة السورية ومؤسساتها لتحسين الوضع المعيشي للسوريين وتعزيز منعتهم وقدرتهم على تحمل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي افرزتها الحرب الإرهابية المفروضة على سورية بشتى أوجهها، وتجاوزها، مؤكدا أن التقرير يأتي لأهداف لا صلة لها بمصلحة الشعب السوري ولا أمنه ولا رفاهه، وإنما لتكرار معزوفة ممجوجة تجاوزها الزمن لكنها لا تزال تطرب آذان بعض الحكومات المعادية لسورية.
وأضاف بالقول: أبسط دليل على ما نقوله هو تخصيص معظم صفحات هذا التقرير للحديث عن الوضع في إدلب، طبعاً وفقاً لرؤية «أوتشا» ومصادرها المفتوحة، باستخدام لغات ماكرة وعبارات فضفاضة وتسميات وتوصيفات مختلقة، تعود بنا إلى مرحلة كنا نعتقد أننا طوينا صفحتها مع «الأوتشا»، مرحلةٌ تم فيها تسخير «أوتشا» وبعض ممثليها لخدمة أجندات بعض الدول النافذة في هذا المجلس، والإساءة لجهود الحكومة السورية وكيل الاتهامات لها والعمل على استعدائها بدلاً من السعي لبناء الشراكة والتعاون والتنسيق الكامل والمسبق معها، هذا في الوقت الذي لم تلقَ فيه مدنٌ كالرقة وهجين والباغوز ودير الزور وتل رفعت وعفرين ومنبج أي اهتمام من معدي هذه التقارير، الذين اكتفوا دائماً بالحديث بعبارات موجزة وخجولة للغاية من دون تسمية الأمور بمسمياتها وتحميل المسؤوليات عن أعمال العدوان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها التحالف الدولي وقوات الاحتلال التركية والميليشيات والتنظيمات الإرهابية العميلة لكل منهما، وعن الوضع المأساوي الذي يعيشه المدنيون في مناطق وجود قوات الاحتلال الأميركي كمخيمي الركبان والهول.
وقال الجعفري: لولا سعي معدي التقارير لذر الرماد في العيون وادعاء الحيادية والمهنية، كنا نتمنى توفرهما فعلاً، لما قالوا شيئاً عن تلك الجرائم العصية عن التشكيك بحدوثها وجسامتها.
وتساءل الجعفري في ضوء ما تضمنه التقرير من معلومات عن خروج مئات من الإرهابيين الأجانب من قاطني مخيم الهول، عن الوجهة التي تم نقل هؤلاء الإرهابيين الأجانب إليها؟ وما هو مصيرهم؟ فهل سيتم تدويرهم عبر الأراضي التركية الى الداخل السوري مجدداً، كما شهدنا في حالات سابقة حيث تم نقل آلاف الإرهابيين من المناطق الشمالية الشرقية وغيرها عبر الأراضي التركية لشن اعتداءات على مناطق مدنية آمنة في شمال غربي سورية كمدينة كسب أو للدخول إلى إدلب وريفها؟ وما هي الأسس التي تم اتباعها في اخراجهم؟ ومن سهل تلك العملية ومولها؟ وهل سنرى ظهوراً متجدداً لأولئك الإرهابيين في دول حان دور استهدافها وفقاً لسياسات البعض وبتسميات مُفبركة، كالدولة الإسلامية في شمال إفريقيا «داشا»؟ أو الدولة الإسلامية في القوقاز وآسيا الوسطى «داقاو»؟ أو غيرها..
وقال: يبدو أن الاستثمار في الإرهاب بات أكثر عائديه وجدوى لبعض الدول الأعضاء في هذه المنظمة من الاستثمار في جهود التنمية المستدامة وحماية البيئة والحد من النزاعات وانتشار أسلحة الدمار الشامل!.
وتابع الجعفري بالقول: أكدنا منذ الجلسة الأولى التي عقدها مجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سورية قبل سنوات أن تحسين الوضع الإنساني في سورية بشكل ملموس يقتضي التصدي للتدخلات السياسية والعسكرية والاقتصادية الخارجية في شؤون سورية، وبطبيعة الحال، فإن الحديث عن تفاصيل هذه التدخلات العدوانية يستلزم وقتاً وجهداً لا طاقة لمجلسكم على احتماله، ولا أعتقد أن البعض في هذا المجلس مستعد للخوض بشكل جدي في قضايا جوهرية تخدم معالجتها الغايات النبيلة للعمل الإنساني الفعلي.
وتساءل بالقول: فهل لدى ممثلي بعض الدول الغربية الأعضاء الاستعداد لمناقشة مسألة الإرهاب الذي يستهدف سورية والذي يستثمر فيه البعض ويرفده بعشرات الآلاف من المقاتلين الإرهابيين الأجانب القادمين من مئة دولة عضو في هذه المنظمة، وبشتى أشكال الدعم والتمويل والتسليح؟ وهل يرغب ممثلو تلك الدول ذاتها بمناقشة مسألة الإرهاب الاقتصادي وسياسات العقاب الجماعي التي تمارسها حكوماتهم من خلال الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري والتي لا تستثني طفلاً أو شيخاً أو امرأة أو مريضاً؟ وهل أولئك الزملاء مستعدون لمناقشة دور حكوماتهم في إطالة أمد الأزمة إلى ما يزيد عن ثمانية أعوام، وعرقلة جهود الحل السياسي، وزيادة معاناة السوريين؟ إننا جميعاً نعلم الجواب جيداً، وندرك أن تلك الحكومات تسوق مختلف الحجج والذرائع الواهية لتلافي الخوض في نقاشات تكشف العيوب السياسية والقانونية والأخلاقية لسياساتها.
وأضاف الجعفري: لقد أنجزنا الكثير رغم التحديات الجسيمة الماثلة أمامنا، وإننا على ثقة بأنه كان بمقدورنا سوياً تحقيق إنجازات أكبر في العمل الإنساني، في حال التزم بعض الشركاء في الأمم المتحدة بمبادئ العمل الإنساني، لا سيما احترام السيادة والحيادية وعدم التسييس والتعاون والتنسيق الكاملين مع الحكومة السورية باعتبارها الطرف الأساسي المعني بتلبية احتياجات السوريين.
وأكد الجعفري أنه لا يمكن للحكومة السورية، أو أي حكومة مسؤولة في هذا العالم أن تقف مكتوفة الأيدي بينما يسيطر الإرهابيون على إحدى مناطقها ويتخذون من أهلها دروعاً بشرية ويستهدفون المدنيين الآمنين في المدن والبلدات المجاورة بالقذائف والصواريخ العشوائية، وقال: بطبيعة الحال، فإن من واجب الحكومة السورية الدفاع عن مواطنيها والردّ على مصادر إطلاق القذائف التي يطلقها الإرهابيون والعمل على مكافحة الإرهاب، وهذا هو الحق الذي يؤكد على شرعيته القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب.
وأشار الجعفري إلى أن الحديث عن استهداف متعمد للمدنيين أو المنشآت والبنى التحتية المدنية من قبل الحكومة السورية وحلفائها هو مجرد إدعاءات باطلة لا أساس لها من الصحة.
وجدد الجعفري التأكيد على أن الحكومة السورية لن تدخر جهداً لمساعدة السوريين على اجتياز هذه المرحلة من تاريخ وطنهم وتوفير الخدمات والدعم والمساعدات لهم للمضي قدماً وإعادة تأهيل وبناء ما دمره الإرهاب وأعمال العدوان.
وختم الجعفري بالقول: أؤكد أن الطريق لتحسين الوضع الإنساني في بلادي واضح للجميع ويقتضي الالتزام التام باحترام سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة وسلامة أراضيها، ورفع التدابير القسرية غير الشرعية ودعم جهود الدولة السورية في المجالين الإنساني والتنموي، وفي الإجراءات التي تتخذها لمكافحة الإرهاب، وانهاء الوجود اللاشرعي للقوات الأجنبية الأميركية والبريطانية والفرنسية والتركية من على أراضي الجمهورية العربية السورية كافةً.
دمشق – الثورة
التاريخ: الأربعاء 26-6-2019
رقم العدد : 17009