رداً على المُتآمرين المُجتمعين في المنامة، أتى الرد مُبكراً، بليغاً اختصر كل الطرق، لم ينتظر المشاهد المُؤذية ولا الخطابات المَملوءة كذباً ونفاقاً، لم تُبد الحناجر والضمائر الحيّة اهتماماً بكل العناوين التي أُريد لها أن تُغطي أو تَستر ما لا يمكن سَتره!.
أتى مُدوياً مُبتدأ الرد، وبصوت واحد ردده الفلسطينيون في الداخل والشتات ومعهم كل الشرفاء والأحرار: لا لعار المنامة، فيما جاء خبره هادراً: خيارنا المقاومة .. فلسطين باقية وعاصمتها القدس، الجولان سوري وغداً سيكون في وسط سورية.
لقد استُبق مؤتمر العار في المنامة بالكثير مما قيل وجرى التعبير عنه إدانة واستنكاراً ورفضاً، والكثير سيُقال فيه تالياً، تأكيداً على عُقمه، وترسيخاً لرفض مُقدماته قبل المُخرجات، غير أن صوت دمشق العروبة وبيروت المُقاومة، أمس واليوم وغداً، صَداه سيبقى يَتردد في الآفاق، يَختصر المسافات ويَختزل الخطابات، فما من نتائج تُحققها إدارة ترامب وزمرة نتنياهو وأعراب الخليج سوى الوهم، ما بَقي الموقف الرافض مُوحداً، وما بَقيت القبضات المقاومة مُرتفعة.
ما من مُصادفات جعلت مؤتمر العار المُنعقد بالمنامة يَتزامن مع اجتماع القدس المُحتلة، ويُلاقي العقوبات الأميركية الجديدة ضد طهران وقيادتها العليا، بل ربما هو ما جرى الإعداد والترتيب له ليُرهب الطرف الآخر، وليترك عظيم الأثر لدى الذين يستهدفهم تحالف الشر والعدوان بالقيادة الأميركية، فإذا به يرتد على المُعدين والمُرتبين بأثر أعظم.
بلا قيمة مُضافة يَخرج مؤتمر المنامة اليوم وما شابهه غداً، إلا من صورة هي الأكثر بهاء لفلسطين والقدس والجولان بالانتماء والرمزية، وكأُس وأساس للصراع مع الصهيونية العالمية والامبريالية الأميركية، وإلا من صورة تُظهر بني سعود وخليفة وأولاد زايد وقد سَقطت حتى ورقة التوت عنهم، وإلا من صورة تُبدي عجز ترامب ونتنياهو اللذان تَتعاظم معه مَخاوفهما مما ينتظرهما.
صفر اليدين خرج جون بولتون ومئير بن شبات من اجتماع القدس، إذ لم يَكن لدى سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف ليقوله سوى: رفض الاعتداءات الإسرائيلية على سورية، والتصميم على احترام سيادتها، والقضاء على الإرهابيين فيها، وسوى التَّمسك بالشراكة مع إيران ورفض تصويرها كداعش، وعدم القبول بأي اتهامات لها باستهداف ناقلات النفط بالخليج قبل تحقيق احترافي وأدلة مَوثوقة، والتأكيد على أن الطائرة الأميركية المُسيّرة كانت في المجال الجوي الإيراني عندما أسقطتها طهران.
وأما العقوبات الأميركية الجديدة ضد القيادة الإيرانية، فلَها حسابات أخرى، ستَبدأ مع تموز القادم، وقد تَلقتها طهران بابتسامة، رسمت الملايين منها بمقولة: يرى الجمل في مَنامه القطن قَمحاً، فيَقضمه تارة ويَلتهمه تاره أخرى!.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 26-6-2019
رقم العدد : 17009