إن الضرر الذي ترغب دولة ما بإلحاقه بدولة أخرى يتزايد بنسبة تصل إلى الدرجة التي يفترض فيه تفوقها، وفي الحالة الخاصة للسياسة الأمريكية تجاه إيران، يتم تفسير الدعم الشعبي الأميركي إلى حدّ ما من خلال التصور بأن أمريكا أدنى من إيران أخلاقياً وذلك بسبب الدعم الأميركي للمنظمات الإرهابية المعروفة، وعن مدى دقة هذا التصوّر ندرج أقدم قائمة شاملة للحالات التي دعمت أو تعاونت فيها حكومة الولايات المتحدة مع المنظمات الإرهابية:
1- تقديم الدعم لنيكاراغوا كونترا: في الثمانينيات من القرن الماضي، نشرت وكالة الاستخبارات المركزية كتيباً بعنوان «العمليات النفسية في حرب العصابات» لمساعدة الكونترا النيكاراغوية في حربها ضد الحكومة الساندينية اليسارية، يدعو الكتيب إلى استخدام «الإرهاب الضمني» من أجل الحفاظ على السيطرة على السكان، على الرغم من أنه لا يشجع «الإرهاب الصريح»، إلا أن ذلك لا يتعلق بأي معارضة ذات مبادئ يؤرقها عملياً أن «هذا سيؤدي إلى فقدان الدعم الشعبي».
في مكان آخر ، يشير الكتيب إلى أنه «قد يكون من الضروري … إطلاق النار على مواطن … يحاول مغادرة البلدة أو المدينة التي ينفذ فيها المقاتلون دعاية مسلحة أو تبشير سياسي …» «هذا ممكن، ويستمر» «لتحييد [ما يمكن أن يعني اغتيالات] أهداف تم اختيارها بعناية ومخطط لها ، مثل قضاة المحاكم ومسؤولي الشرطة وأمن الدولة»، من الواضح أن إطلاق النار على المدنيين لا يندرج تحت فئة «الإرهاب الصريح».
2- دعم جيش تحرير كوسوفو: في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، حارب جيش تحرير كوسوفو القوات المسلحة اليوغسلافية من أجل استقلال مقاطعة كوسوفو ذات الأغلبية الألبانية، كان المبعوث الخاص للرئيس كلينتون إلى البلقان، روبرت جيلبارد ، يقول هذا عن جيش تحرير كوسوفو: «أعرف الإرهابي عندما أراه وهؤلاء الرجال إرهابيين».
ومع ذلك ، في نفس العام صنّفت الولايات المتحدة جيش تحرير كوسوفو كمنظمة إرهابية وأيدت قرار مجلس الأمن الدولي 1160 (1998)، الذي أشار صراحة إلى العنف الذي يرتكبه جيش تحرير كوسوفو بأنه «أعمال إرهابية» ، في حين بدأت منظمة حلف شمال الأطلسي في دعم المجموعة مباشرة.
3- دعم منظمة «مجاهدي خلق»: نظراً لحقيقة أن المنظمة الإسلامية – الاشتراكية المتشددة «مجاهدي خلق» قد تم إزالتها من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية التي وضعتها وزارة الخارجية الأميركية في عام 2012، فقد يعترض البعض على تضمين دعم الولايات المتحدة لهذه المجموعة ضمن قضاياي الأربع.
ولكن، دعونا نفترض أن قائمة وزارة الخارجية هي إلى حد ما معيار موضوعي يمكن من خلاله وصف جماعة ما بأنها منظمة إرهابية، ومع ذلك فمنذ عام 2005 حتى وقت ما قبل رئاسة أوباما – والتي بقيت خلالها منظمة «مجاهدي خلق» على قائمة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية – يقال إن قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأميركية قد درّبت أعضاء من «مجاهدي خلق» في موقع نيفادا للأمن القومي، وبحسب سيمور هيرش من مجلة نيويوركر « قامت حكومتنا بتدريب أعضاء في منظمة صنفتها الولايات المتحدة إرهابية على أراضي الولايات المتحدة».
4- دعم تنظيم القاعدة وتنظيم «داعش »: في رسالة بريد إلكترونية مسربة لعام 2014، كشفت وزيرة الخارجية آنذاك ، هيلاري كلينتون ، أن «حكومات قطر والسعودية … توفر دعماً مالياً ولوجستياً سرياً لداعش وللجماعات المتطرفة الأخرى في المنطقة».
بالنظر إلى «حربنا المستمرة على الإرهاب»، قد يعتقد المرء أن هذا الاعتراف سيؤدي إلى تحول جذري في تعامل أميركا مع هذه الدول الراعية للإرهاب. على العكس من ذلك، في العام التالي، بلغت عمليات بيع الأسلحة الأميركية لقطر والسعودية ما يعادل 119 مليون دولار و 2.8 مليار دولار على التوالي.
وبالمثل في عام 2017، اتهم الرئيس ترامب علنا قطر بأنها «ممول للإرهاب، وعلى أعلى المستويات».
ومع ذلك لم يمض أكثر من خمسة أيام حتى اشترت قطر «ما يتجاوز الـ 21 مليار دولار من الأسلحة الأميركية».
إذن ، ليس الإرهاب في حدّ ذاته هو ما تعارضه حكومة الولايات المتحدة ، بل الأهداف السياسية التي تستخدمها من أجلها في بعض الأحيان.
لننظر أيضاً إلى التحقيق الخاص بحرب اليمن عام 2018، وفقاً لوكالة أسوشيتيد برس ، قام التحالف العسكري الذي تقوده السعودية والذي تدعمه الولايات المتحدة «بعقد صفقات سرية مع مقاتلي القاعدة، ودفعت بعض الأموال لهم لقاء مغادرة المدن والبلدات الرئيسية وسمح لآخرين بالتراجع بالأسلحة والمعدات والأموال المنهوبة».
وكان الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الكشف عن «تجنيد مئات من هؤلاء الإرهابيين للانضمام إلى التحالف نفسه»، من الممكن تبرير تصرف الحكومة الأميركية إذا تبيّن أنها ليست مطّلعة على هذه الحقيقة بأنه تم تجنيد مقاتلي القاعدة للقتال إلى جانب التحالف، ولكن لسوء الحظ ، «قال المشاركون الرئيسيون في الاتفاقيات أن الولايات المتحدة كانت على دراية بالترتيبات وأوقفت أي غارات بطائرات من دون طيار ضد أهداف للقاعدة».
أخيراً، زعم أحد قادة جبهة النصرة – إحدى المنظمات التابعة لتنظيم القاعدة الناشطة في سورية – أن مجموعته قد تلقت الدعم من الولايات المتحدة حيث علق بصراحة في لقاء أجرته معه صحيفة كولنر الألمانية شتات أنتسايغر: «الأميركيون في صفنا». وبعيداً عن الانضمام إلى زعيم علماني في محاربة عدو متبادل – أي الجماعات المدرجة في قائمة وزارة الخارجية كمنظمات إرهابية – يبدو أن حكومتنا فعلت كل ما يمكن تصوّره لتقويض حكم هذا الزعيم.
عن موقع أنتي وور الأميركي
ترجمة:أمل سليمان معروف
التاريخ: الخميس 27-6-2019
الرقم: 17010