قراءة…صابر فلحوط في رسائله إلى قانا والقنيطرة والقدس: سأشـعل من دم الجولان ثأري.. وأحجاري ومقلاعي.. سلاحي

خيل إلينا لفترة من الزمن أن الشعلة قد خمدت,,ان الكلمة التي كانت تلهب الجماهير, ربما في طريقها أن تكون هباء منثورا, هكذا عملوا وضخوا, وكتبوا وصدقوا, ولكن الأمر كان مختلفا تماما, يقولون إنه ليس عصر الأدب ولا الالتزام, بل التجريب, والادب للأدب, وما إلى ذلك من قصص ثبت انها لم تكن إلا حلقة في سلسلة طويلة من طريق المخاتلة والمؤامرة على كل من يوحد ويشحذ الهمم, فالأدب في العالم كله, إن لم يكن صاحب رسالة وطنية وجمالية وإنسانية فهو مجرد هراء وثرثرة, الإبداع كله في هذا الميزان.
لم يطل الأمر كثيرا أمام ما يجري كما يقال (ذاب الثلج..) تكشف ما ستر, وبدا الأمر على حقيقته, الأدب المبدع التزاما مازال قائما, بل يجدد أدواته وأساليبه وقدراته, ومن حمل الشعلة وهم كثيرون مازالوا في الميدان, ربما قصرنا معهم, ولكنهم مازالوا, والحرف متقدا, من هؤلاء الشاعر المتميز والإعلامي المخضرم الدكتور صابر فلحوط, ابن الثمانين الذي مازال يشعل الكلمة بلهب الدم, تخضل القصيدة لتورق فروعا بهية, وتقول: هاأنا لم اغادر دوحي, في كل زاوية لنا حكاية وكل يوم لنا أمل, وسيف نشهره بوجه المعتدين.

جديد الدكتور فلحوط مجموعة شعرية صدرت بدمشق وحملت عنوان: رسائل.. إلى.. قانا.. القنيطرة.. القدس.. نعم رسائل إلى هذه الأقانيم التي تعني رسائل إلى الأمة كلها, إلى اليوم والغد, رسائل دم الشهداء في كل بقعة من النضال العربي, دم شهيد سوري يرتقي بركن قصي, لكنه يعرف أن دمه اقحوان وشقائق نعمان, رسائل القدس هي للجولان وقانا, تدهشك اللغة التي مازالت ندية بهية, لم تفقد مع صدأ ما يجري, لم تفقد دفقها الأول, ولا طاقاتها النضالية التي تمضي بنا إلى تخوم المعركة من غير تأفف ولا تلكؤ, الإهداء الذي يدل على أنه كتب عام 2007م كأنه اليوم ولد, بهذه اللحظات التي نعيشها, في رسائله قراءة الحزن العربي, قراءة في افق لابد أنه آت ولكن ذلك لن يكون من غير التضحيات, من غير الفداء:
وقد كنا إذا شئنا مراحا
هضاب الشمس بعض المستراح
ألا اغضب ياثرى الجولان واضرب
سماسرة القضية والجراح
سأشعل من دم الجولان ثأري
وأحجاري ومقلاعي, سلاحي
وأمتح في عروق البعث دلوي
وأسقي الكون رائعة الصباح
أما قانا فهي التي تصيح, هي الجرح النازف, كم من قانا بعد قانا, ما أكثر ما حدث, قانا ليست جرحا عاديا, ولانزفا بخاصرة جغرافيا صغيرة, قانا نزف بكل قلب, وما أصغر القلب حجما وأكبره اتساعا وقدرة على التحمل:
قانا.. تصيح.. وصوتها نهران..
من صلف وكبر.. رشوا..
جفون الورد.. رشوها على اضلاع قبري..
أنا لم امت إلا لأبعث ثورة
في كل صدر..
والحال هي هي, لم تتغير منذ زمن مال النفط كارثة على الجميع, ذل وخنوع:
أيا مشتل الود.. والورد..
يا جيلنا المستباح.. كأن مياه المحيطد..
دموع ورمل الخليج.. خنوع..
وسيف الخليفة من زغب الاقحوان وريش الأرانب..
يراد لنا.. آه ما يراد لنا ؟
نزف الحريق عروسا..
إلى دارنا !!.. ان نستطيب الركوع.. على قارعات المنابر..
نتلو صلاة الخضوع..
ويصل الغضب ذروته حين يخاطب الجواهري شاكيا له حالنا وحال من خانوا:
أبا الفرات وبطش من حكموا..
ما كان لولا ذل من حكموا..
ماذا على الراعي إذا اغتصبت عنز ولم تتمرد الغنم..
يا ايها الطاعون حل بنا.. فبمثل وجهك تكشف الظلم..
رسائل إلى قانا, مجموعة اللغة التي لم تهمد, بل ظلت شعلة تتقد, تجدد زيتها ونبضها لتبقى الكلمة سلاحا مهما أرادوا إبعاده لكنه باق, وفي البدء كان الكلمة, بقي ان نشير إلى ان للشاعر فلحوط الكثير من المؤلفات منها:
من مؤلفاته
1- البراكين- شعر- دمشق 1960.
2- موج البطولة- شعر- دمشق 1963.
3- نشيد الثوار- شعر- دمشق 1965.
4- بيدر النجوم- شعر- دمشق 1967.
5- الميادين لفرسانها- شعر- دمشق.
6- كلمات من لهب- شعر- دمشق 1974.
7- المسألة الفلسطينية والموقف العربي السوري- دراسة- دمشق 1977- اتحاد الكتاب العرب.
8- نحو الوحدة العربية- دراسة- دمشق 1979.
9- دم في حيفا- شعر- 1965.
11- وأي سلام- شعر- 1995- اتحاد الكتاب العرب.
12- البعث والمستقبل القومي – دراسة – دمشق 1978.
دائرة الثقافة

التاريخ: الأربعاء 3-7-2019
رقم العدد : 17015