تميز هذا الصيف بحراك رسمي لافت في التشجيع على السياحة الشعبية، وهي حق وضرورة صحية، جسدية ونفسية، فكيف إذا ما كانت على شواطئ بحرنا النادر، وهي شواطئ رملية ناعمة..؟ جرى تدشين منشأة سياحية في وادي قنديل في اللاذقية، (شعبية) وهذا الوادي قريب من رأس البسيط وتطل عليه غاباتنا الساحرة وصولا إلى مصيف كسب الشهير. كان حلما أن نستفيد من شاطئ هذا الوادي وأن ننأى به عن العشوائية والأوساخ، إنه من أجمل بقاع الأرض..!
ومن هناك علت صرخة رسمية مهمة جدا: الساحل السوري حق لكل مواطن، وهذا أيضا أمر رائع وحميد ولاسيما الآن وسط الغلاء الكبير.
اشتمل ذاك الحراك على إعادة افتتاح الشاطئ المفتوح في طرطوس، بتحسينات جديدة، نأمل أن تكون قد وفرت النظافة والحمامات الجيدة وأدوات الماء الفاتر علما أنه شعبي ١٠٠./. ودخوله شبه مجاني، (١٠٠ليرة سورية للشخص الواحد)، أما ثالث المسابح المهمة وذات الطابع الشعبي فهو مسبح جول جمال في اللاذقية وهو يمتاز بشاطئ رملي ناعم ومياه متدرجة في العمق وبنية تحتية جيدة الدخول إليه بـ ( ٣٠٠ ليرة سوري للسباحة)، وإذ أشير إلى الأسعار فما ذلك إلا لأنها جوهر السياحة الشعبية في وقت حجب بحرنا عن عامة الناس بمسابح خاصة، إذا سمح بالدخول اليها لآخرين لايمتلكون فيها الشاليهات فإن عليهم تسديد مبالغ كبيرة بدءا من ألف وخمسمئة ليرة للشخص الواحد، أما مسابح الفنادق الفخمة على الشاطئ فالسباحة فيها للأثرياء.
حبيت سورية ببحر نادر – دافئ أو فاتر – وتلك ميزة – ساحرة بالمقارنة مع بحار الكثير من دول العالم المشهورة سياحيا والجاذبة للسياحة الطبيعية – البحرية، في حين أن أغلب شواطئها صخرية ومياه بحارها باردة وباردة جدا في عز الصيف. سألت صديقا وقد أتيحت لي زيارة لشاطئ على بحر المانش، كيف يسبحون بهذا الماء البارد أجاب يبللون أجسادهم ثم يلوذون بالشاطئ فيتشمسون.
وإذ نضيف لسحر بحرنا التصاقه بغاباتنا الأخاذة وقربه من الريف البديع بمناخه المعتدل المائل إلى البرودة في الصيف نجد أننا نملك كنوزا سياحية، ما أروع أن تكون في متناول كل الناس، فالسياحة الشعبية إليها دواء للروح والجسد، وهي ضرورة لكل الناس. فلتكن في متناول يدهم وجلهم من ذوي الدخل المحدود لا يحجبها عنهم الغلاء الفاحش والتكاليف الباهظة، ومن يراقب في الصيف حركة النقل إلى سواحلنا والازدحام الشديد وصعوبة العثور على مقعد في حافلة متجهة إلى البحر، يدرك أن حرص الدولة على شواطئ مفتوحة – حضارية- هو أداء يصون الصحة العامة وصحة البيئة.
لا تقل لي، هذا ترف أو بطر، تميزنا بحياة عادية شعبيا – ونحن نخوض أعتى المعارك – وفِي أدبيات شعوب الأرض ما يعرف باستراحة المحارب.
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 11-7-2019
رقم العدد : 17021