«نوّار حقلُ عشقٍ مسورٍ بسياج القلب.. حاكورة من دوالي..شجرة أمنياتٍ يتدلّى عنبها ..على نافذة الروح ..قبلة عندليب انتظار الصباح عندما يستيقظ البنفسج «
فسحة سماوية يطغى عليها صمت الحكمة، نتأملها في نصوص « نوار عرش البنفسج « للدكتور أكرم الصالح الذي حمل ريشته المخضبة بألوان الطيف يرسم فرحاً ويزرع الطيف أكياساً دمشق، ودفلى المسيل «هل أغلقت دمشق أبوابها على حجر من بنفسج»؟
فرغم جراح وطنه الصغير إلا أن يقينه في عذاب الحب الذي غدا جرحاً نازفاً سيندمل بنفس الحب، مهدياً بعض لوحاته الوجدانية الجميلة لأبنائه، حين كانوا أطفالاً يخربشون على جدران ذاكرته ما لا تنساه يوماً، «أورنينا ونينار وآرام « أحبوا آرام وانهض إننا نشعل القلب بخوراً ونذوراً بانتظارك .. يا ابني أوقد القصة ناراً» لكل منهم طاقة من ورد ونصاً نثرياً ناضحا بالحب، غير مكتفيا بإهدائهم النصوص، بل شاكيا الطفل المشاكس الذي ما زال يسكنه « وكأن الطفل الذي فيّ لا يزال يبكي على صدرك.. تلك المساحة البيضاء الخالية أتراها تناسب مرور جحافل جيش عواطفي إلى مستقرها «.
وصفت النصوص النثرية مواقف حياتية يعيشها أكرم الصالح الإنسان المنفعل تارة والمستسلم لنظرة تأملية تستكين فيها النفس بعد فورة غضب تارة أخرى، ففي النصوص وبرأي.. احتواء ناضج للمعنى بسجية اللغة وسهولة التراكيب فرغم بساطتها كانت عميقة.
«دمشق تحتويني
مدينة ككل المدن
سماء بلون الجراد
هواء بطعم الرماد
وليل برائحة
الضجر «
آلام وأفكار تتخبظ ثم تتعمد بالألم، زينتها كاف الخطابة التي طغت على معظم النصوص، عاتبا شاكيا وكأنه رغم تطويع اللغة إلا أننا نجده في بعض الأحيان يقف عاجزاً مندهشاً كيف سيكمل ما بدأه وهل كانت النهاية على قد مقام النص.
«حين ترسم الطباشير فاتحة الصباح على أوجاعنا
يتقلص حجم الهواء بوصة
في الطريق إلى الفاجعة
وأنتِ احتمال بكى
احتمال هوى تكسر
في صمت الدجى
فاستحال الهواء نبيذاً
وغنى لنا من جديد
عن بلاد تطير فيها الأغاني
ويرقص فيها النشيد «.
أربعة وعشرون نصاً نثرياً شاعرياً طباعة دار الإرشاد للطباعة والنشر، حجز لمحبيه مكاناً فيها حتى يتوضؤون بنورها، مهديا للشاعر الراحل نضال بغدادي نصاً بعنوان «غياب قسري» يسأله» من أغلق نافذة العمر على كرز الرغبة.. أكنت هناك توزع فاكهة الضوء على غمر الظلمة.. ذكرى امرأة عبرت روحي.. فسحة شوق بين العينين وصدري أكنت هناك توزع أسرار الخالق للخلق تدخلني في زمن العتمة».
لم تكن وحدها النصوص معبرة بل الرسومات التي رافقتها، تحكي حكايا الفرار والخلاص والقيامة، وكأن النصوص تهاجر من قلب الشاعر، تحيا رغم ضجره، تعانق صباحاته المتوهجة كشموخ الشهداء « تعالوا عبر النفق ..يولد زهر الخيبة وفي ألق الشمس يولد فجر الحرية».
رنا بدري سلوم
التاريخ: الجمعة 12-7-2019
الرقم: 17022