رغم الاهتمام الكبير الذي تقدمه المؤسسات الثقافية للفعاليات والأنشطة والمهرجانات والمعارض على مساحة القطر كافة، بالطبع لايمكن تجاهل الدور الهام الذي تقوم به من أجل إعادة الوجه الحضاري لبلادنا بعد محنة أصابتها وشوهت معالمها بفعل أولئك المرتزقة، بل ويسجل لها أيضا في أجندتها تفاعلها مع الأحداث الثقافية كافة «المسابقات، الجوائز، التكريم..» ولكن هل تقتصر مهمة النهوض بالثقافة على مؤسساتها فقط، أم أن الأمر هو شأن عام وعلى الجميع تقديم الدعم اللازم لها والتوجه إلى الاستثمار في عالم الثقافة والإبداع..؟
ويدرك الجميع أهمية أن نستثمر في الثقافة بفنونها كافة «المسرح، الدراما، السينما، إحياء التراث اللامادي..» فقد درج أن ترعى بعض الفعاليات الاقتصادية أنشطة رياضية، أو مهرجانا غنائيا، أو حدثا سياحيا كبيرا بتقديم الدعم المالي واللوجستي له من أجل ربما أهداف تجارية أو إعلانية، ولكنها في الوقت نفسه لاشك تحقق أهدافا حضارية في تقديم حضارة البلاد بأبهى صورة.
وكثيرة هي المجتمعات التي وعت أهمية الاستثمار في الثقافة لأنها هي الوجه الحقيقي للبلاد، وهي التي تشكل العلامة الفارقة بين الدول، وخصوصا أننا نمتلك كنوزا حقيقية في المجالات الثقافية كافية إن كان على صعيد الطاقات الإبداعية البشرية، أو بما يخص الفنون كافة المادية منها واللامادية، وهي جميعها تستحق الرعاية والاهتمام وتعريف الشعوب بإرث أجدادنا الحضاري العريق.
والمفارقة العجيبة أن النجاحات التي تحققها النتاجات الثقافية والفنية على صعيد المهرجانات وعلى خشبات المسارح التي تعج بالحضور اللافت، وصالات السينما التي تمتلىء بعشاقها، كل ذلك لايثير شهية المستثمرين لرعاية مسرحية هنا أو عمل درامي هناك، أو عرض سينمائي نال أعلى الجوائز في المنابر العربية والدولية.
يقولون إن «رأس المال جبان» ولكن من قال أن الاستثمار في عالم الثقافة ليس مجديا، فالعمل وفق استراتيجية ومنهجية صحيحة لابد أن يسهم في تحقيق الهدف لجهة تقديم البلاد بالشكل اللائق وتوجيه الأنظار إلى حضارتنا، وفي الآن نفسه جعل الثقافة في متناول الجميع، وقبل كل شيء هو واجب وطني بامتياز.
فاتن دعبول
التاريخ: الثلاثاء 16-7-2019
رقم العدد : 17025