يطرح على المضطرين إلى عمل، السؤال التالي: ماذا تعرف…؟ وما من شك أن عدد هؤلاء كبير جداً، في الصيف، وبعد صدور نتائج الشهادة الثانوية العامة – بشكل خاص، وفِي كثير من الأحيان بشكل عام، فالعمل ضرورةً ولا حياة دون عمل، فماذا تعرف لتعمل.
وفِي الحق فإن جواب الأغلبية الساحقة من الباحثين عن فرص عمل هو: معي (بكالوريا). وهي للأسف لا تعني شيئاً في سوق العمل إلا إذا كانت مهنية (أو كما تسمى في سورية فنية). الغريب أن تلك الشهادة التي تتيح للشبان والشابات امتلاك مهنة، هي شهادة شبه نادرة، والإقبال عليها ضئيل، على الرغم من أنها متاحة لجميع من يحصلون على شهادة التعليم الأساسي – (الكفاءة أو الشهادة الإعدادية سابقاً). أتأمل في أرقام خريجي العام الحالي أجد -١٥٣١٠٩- في الدورة الأولى (ثانوية عامة) و١٣٣٥٠ (ثانوية فنية -مهنية)، تشمل اختصاصات مهمة صناعية (٢٢ مهنة) ونسوية (خياطة وحلاقة وتجميل) وتجارية
وكلنا يعلم أن خريجي مرحلة التعليم الأساسي الذين لم يحصلوا على علامات تؤهلهم التسجيل في المدارس العامة في محافظاتهم، يجبرون على الذهاب إلى المدرسة الفنية، وهم يشعرون بالغبن لهذا المصير ويحزنون (بسبب صغر سنهم وقلة خبرتهم في الحياة، وتأثر أهلهم بأفكار ومعتقدات خاطئة لا تحترم العمل اليدوي وبامتلاكهم لطموحات وهمية، يسقطونها على أولادهم، وحلمهم أن يغنى ابنهم، من شهادة جامعية تفتح له أبواب مستقبل زاهر.
قيل هذا الكلام سابقاً – لكن الجديد الآن أن الحرب على سورية أفقدتنا، الكثير الكثير من الأيدي الماهرة، وأحدثت دماراً هائلاً يحتاج إلى إعادة إعمار، وهذا يتطلب وجود عدد كبير جداً من العمال المهرة المختصين بمهن محددة إذا سئلوا ماذا تعرفون يقوون على جواب يجعل الجهة التي طلبت عمالاً تتلقفهم بسرعة وبشروط جيدة.
وبعيداً عن إعادة الإعمار فإن المهنة طوَّق نجاة، ونكرر دائماً أن من يعرف مهنة يقوى على العمل لحسابه ودون سؤال جهة عامة أو خاصة عن (وظيفة)، ولعل هذه الحقائق مجتمعة تصوغ ثناء لمن يبحثون عن ادخال مهارات يدوية إلى مناهجنا الدراسية، أو من يتجهون نحو تطوير مناهج التعليم الفني، ضمن حزمة مغريات ومحفزات، لجعله التعليم الأول في البلاد، وهو جدير لأنه رحيم على الشباب ينأى بهم عن البطالة وهي أم الشرور. وقديماً قيل: صاحب الصنعة مالك قلعة.
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 18-7-2019
رقم العدد : 17027