بعد تأكيدها مؤخراً أن سوق المواد منتهية الصلاحية والمخالفة ومجهولة المصدر عاد وبنشاط ملحوظ، وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تدرك أخيراً أن المرحلة الحالية تستدعي عدم التهاون مع التجار ومرتزقة السوق الذين يحاولون العبث بحاجات المواطنين خاصة المواد المدعومة والمواد الغذائية.
ولأن التنبه متأخراً لخطورة حالة الفلتان والفوضى التي تشهدها الأسواق وفي مختلف المحافظات السورية لجهة تصاعد وتيرة عمل ضعاف النفوس وأشباه التجار والمستوردين في العمل بالمواد والتأثير السلبي الكبير الذي تتركه على حياة الناس والاقتصاد الوطني ككل أفضل من حالة التجاهل والسلبية التي تعالج بها هذه القضايا المهمة من قبل القائمين على الوزارة خاصة في السنوات الأخيرة فإن مستوى توقعاتنا في إحداث نقلة نوعية في المعالجة وتحقيق نتائج إيجابية ملموسة على الأرض وتنفيذ مهام ومسؤوليات كبيرة أنيطت بالوزارة سيبقى منخفضاً في ظل استمرار سياسة التراخي والتساهل في تنفيذ القانون والتفاخر بتنظيم الضبوط وارتفاع أعدادها، ناهيك عن انضمام الوزارة مؤخراً لقافلة الأصوات التي تردد أن الأسعار المتداولة بالأسواق غير منطقية وتشهد شططاً وتفاوتاً مع تحقيق التجار لأرباح خيالية.
نعم قد لا تبدو مسؤولية تطبيق القانون الحاضر دائماً وفي مختلف القطاعات ولا يحتاج إلا لتنفيذه والعمل به من قبل الجهة المعنية تتحملها جهة واحدة خاصة فيما يتعلق بضبط الأسواق ومحاسبة المتلاعبين بحركة تداول المواد وفرض الأسعار وفق مصالحهم ولا سيما فيما يتعلق بالأشخاص المرتكبين للمخالفات الجسيمة المتعلقة بصحة وسلامة المستهلكين كي يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه استغلال حاجات الناس والظروف الحالية غير أن تجربة السنوات الأخيرة على وجه التحديد في اضطلاع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدورها المهم والفاعل في توفير الحماية للمستهلكين وضمان وصول مواد بنوعيات وجودة عالية وقدرتها على التدخل في الأسواق لمصلحة الناس وتضيق حركة تلاعب التجار والباعة في السوق لم تكن بالتجربة الجيدة والصورة المكونة في أذهان أغلبية المواطنين عنها ضبابية ومشوهة وتحتاج للكثير من العمل والمصداقية والأفعال على أرض الواقع كي يتم تحسنها وهذا التراخي واللامسؤولية امتد لباقي الجهات التي تكون مع الوزارة سلسلة متكاملة من الإجراءات والقرارات (ونخص هنا العدل والصحة) وأي انقطاع بحلقة من حلقات هذه السلسلة سيترك تداعياته على العمل ككل وهذا هو حالنا حالياً وهو أيضاً ما وسع عدد المخالفين ونطاق عملهم وانتشاره الواسع وبالتالي فقدان ثقة الناس بأداء الأجهزة المعنية بحمايته لا بل بات يعتبرها عبئاً ثقيلاً ومسهلاً ببعض الأحيان لاستمرار هذا الوضع.
هناء ديب
التاريخ: الخميس 18-7-2019
رقم العدد : 17027