أنشر الآن شعرا لم يكتب للنشر, بعد ان كنت منسجمة مع قناعة أن الكتابة بحد ذاتها غاية تجوهر النفس وتتجوهر بالممارسة, ان اللامنشور جنس أدبي ايضا له شخصيته وقراؤه وحريته, لكن هذا الجنس يتمرد على كاتبه كلما خرج من خصوصيته الفردية إلى الحياة الانسانية العامة, ويرفض البقاء في ذاكرة الشاعر وهو يصبح جزءا من ذاكرة الحياة كما حصل في هذه التجربة.
وتتابع قائلة: في عام 2003م ذهبت للعمل كمديرة لمكتب الوكالة السورية للانباء في بيروت مباشرة بعد غزو العراق وهجوم استراتيجية الفوضى والحرب الصهيونية على لبنان والحرب المؤلمة على وطني سورية, وهكذا أصبحت, على مكتبي أمامي صفحتان, الأولى لكتابة الخبر والتقرير والدراسة, والثانية لرصد ارتدادات الروح على الأولى حيث اصبحت القصيدة عملا يوميا تضع المعاناة في فضائها الواسع وتمنعني من اليأس والكآبة والتسطح والاختناق..
هكذا تقدم الإعلامية نهلة كامل لمجموعتها الشعرية الصادرة حديثا عن الهيئة العامة للكتاب بدمشق, وتحت عنوان: الشرق الغارق المتوسط, يومياتي, من عكس اتجاه الفناء إلى آخر قطرة عطر من حروفها يظهر الوطن نديا بهيا مغروسا كوشم لايمكن أن يمحى أو يزول, من نجمة الصبح الى الابد الذي لاينظر الى الوراء, تأتي القصيدة دفقا كاملا بلا رتوش الصنعة التي تذهبها بهجتها ووقدها الأول: الصامتون ينقرضون, لهذا أكلم صمتي كي لايفقد النطق, ضبطت صوتي, على إيقاع السكون وغدوت نغمة في مقطوعة القبول, وكلامي ليس كعقلي لايبدع, ولايخرج عن المألوف, اعرف ان الصامتين مذنبون, وإذ قيل إنني شيطان اخرس فلأن الخبر اليقين, في فمي في ألمي, لكنه يزهر سكوتا تقطفه الشياطين المتكلمة.
ومن نص الأبد لاينظر إلى الوراء: سماؤنا أبعد, نخبؤها في سماء صافية, عن سماء الدخان, لم يرنا أحد نطير فوق حصارنا لكن ريشا أبيض شوهد في ريح الايام ومياهنا أعمق جارية رغم العواصف, تمضي بيننا المراكب محملة بكنوز الافكار ونحن نفتح صناديقها أملا املا, وتبحر إلى ما بعد الشواطىء تبعد الأفق حتى الغرق.
تقع المجموعة في 286 صفحة من القطع الكبير, بقي ان نشير إلى ان الشاعرة توقع مجموعتها هذه يوم السبت القادم, في فندق إرميتاج الساعة السابعة مساء.
التاريخ: الخميس 25-7-2019
رقم العدد : 17033