بدا لافتا للانتباه أن يحصل 22 طالبا وطالبة على العلامة التامة في امتحانات شهادة التعليم الأساسي من أصل 193037 ناجحا وناجحة في دورة امتحانات العام 2019 – وبنسبة نجاح 67،38./.
العلامة التامة هي فوق التفوق وأكثر من الذكاء.
ففي سياق لقاءات صحفية كنت جريها كل عام مع متفوقين في الشهادتين في عقد التسعينات من القرن الماضي، التقيت مدير مدرسة الشهيد فريز مالك في دمشق، المرحوم الأستاذ كميل صعوب وكان مشهودا له بالأداء التربوي المتميز، ولقد فاجأني قائلا: إن من يحصلون على 95./. من المعدل هم من الأذكياء جدا ويستحيل أن يقوى على ذلك غيرهم من الطلاب فما بالكم بمن يحصلون على العلامة التامة..؟
في كلية التربية بجامعة دمشق ناقشنا هذا الموضوع مع كبار الأساتذة فكان الرأي المستمد من الدراسات العلمية العالمية أن نسبة الأذكياء بين البشر 4./. تقابلها نسبة مماثلة من قليلي الذكاء 4./. أيضا.
ومابين هاتين النسبتين يقع متوسطو الذكاء، مع الإشارة إلى أن علم التربية لم يتجاهل وجود من سماهم بالمجلين الذين ينتقلون – عبر جهود خارقة وظروف أفضل – إلى متفوقين، لكن نسبتهم ضئيلة جدا.
وكانت الدكتورة كهيلة بوز، في سياق تدريسها لكتاب: فلسفة التربية
تبهرنا بمثال عن الظروف التدريسية من خلال تجربة عالمية أجريت على مجموعتين من الطلاب في مدرسة داخلية، وكان يقدم للمجموعتين الغذاء ذاته والتدفئة والرعاية الصحية وكان الفرق الوحيد أن مشرفة المجموعة الأولى كانت لطيفة ومسايرة تتقن التعزيز الإيجابي أثناء وجود الطلاب في قاعة الطعام، في حين أن مشرفة المجموعة الثانية كانت فظة، لا تتورع عن تحقير الطلاب وشتمهم وممارسة السلوك السلبي عليهم. وكانت النتيجة، أن وزن طلاب الفئة الاولى قد ازداد وتحسنت صحتهم وحققوا نتائج ممتازة في الامتحان على نقيض طلاب المجموعة الثانية الذين انخفضت أوزانهم وتدهورت صحتهم وتراجع مستواهم العلمي في الامتحان..!
لا نستطيع أن نتجاهل المحيط والظروف المادية والمعنوية ولكن عندما نجد أن 22طالبا وطالبة حصلوا على العلامة التامة في شهادة التعليم الأساسي، ندرك أننا أمام ذكاء خارق مرشح بالعناية الفائقة أن يثمر علماء في المستقبل، وطننا الحبيب سورية بحاجة ماسة إليهم.
وأرى أن هؤلاء النوادر، يجب احتضانهم بشتى الوسائل كي لا يغيبوا عن مركز المتفوقين وهو امتياز تعليمي وصرح سوري كبير، أو عن أي شكل من أشكال الرعاية الملائمة لظروفهم، وميولهم.
وبأداء كهذا ندخر أساسات وأعمدة متينة لمستقبلنا، بعيدا عن المقولة الشائعة أنه في الشرق يفشلون الناجح وفي الغرب يساعدون الفاشل على النجاح.
ميشيل خياط
التاريخ: الخميس 25-7-2019
رقم العدد : 17033