جيش عقائدي ..للحرب والإعمار

 

 

شكّل تماسك الجيش العربي السوري كمؤسسة وصمود أفراده وضباطه في وجه الحرب الإرهابية العالمية التي استهدفت سورية على مدى ثماني سنوات، محور اهتمام الكثير من المحللين العسكريين والاستراتيجيين، وكان السؤال الذي يشغل بال العديد منهم ما هو السر الذي جعل سورية موحدة وقوية ومتماسكة رغم كل ما تعرضت له من سيناريوهات عدوانية ومؤامرات خطيرة، وقد التقى المنصفون منهم عند حقيقة واحدة تتعلق بالعقيدة الوطنية التي يؤمن بها أبناء هذا الجيش وهي العقيدة التي ظلت راسخة وثابتة لم تتغير رغم كل ما عصف بسورية من أحداث طيلة الأربعة وسبعين عاما من تأسيس هذا الجيش الوطني وخاصة في السنوات الأخيرة.
فمنذ أن بدأت رياح الحرب الارهابية على سورية عام 2011 ركّز محور أعداء سورية في استهدافهم بالدرجة الأولى على الجيش العربي السوري بوصفه حامي وحدة البلاد وسيادتها وسلمها الأهلي، بحيث بدا جلياً منذ الأيام الأولى للحرب سعي هذا المحور لتفكيك هذا الجيش وتشتيت قوته عبر استهداف نقاط قوته وتجمعاته وثكناته في المرحلة الأولى، وتشجيع أفراده وعناصره وقياداته على الانشقاق وإغرائهم بالمال في المرحلة الثانية، ومحاولة تشويه صورته الوطنية الناصعة بإلصاق تهم باطلة لا تمت للواقع والحقيقة بأي صلة في المرحلة الثالثة، ولكن كل هذه المحاولات فشلت في النهاية باعتراف العدو قبل الصديق، وهذا ما رجع في النهاية للعقيدة القتالية التي يؤمن بها أبناء الجيش العربي السوري.
الولاء للوطن
لقد وجد الجيش العربي السوري نفسه في مواجهة مع معركة التصدي لمشروع إسقاط سورية بيد جماعات مسلحة تتعدد مشاربها وانتماءاتها واتجاهاتها التكفيرية والجهات الداعمة لها، فواجه عدوانا مركبا وتحديدا في الشق الإعلامي الذي استهدفه على مدار الساعة، من خلال أخبار ملفقة وتضليل والكثير من التشويه ومحاولة الشيطنة، ودق إسفين بين أفراده ومكوناته، ومحاولة النيل من عقيدته الوطنية والقتالية، إضافة إلى ذلك الضخ المالي والإغراء ومحاولة شراء الكثير من النفوس المريضة التي كانت في الجيش، ومحاولة تضخيم هذه المسائل، وهي حالات فردية لم تؤثر على وحدة وتماسك وقوة وعقيدة الجيش العربي السوري ولم يكن لها أي تأثير في موازين القوى على الأرض، لأن ولاءهم للوطن فقط يحاربون دفاعاً عنه أولاً، ثم عن أفكار ومعتقدات يؤمن بها الأفراد والضباط وتصب كلها في مصلحة الجمهورية العربية السورية، لذلك أصبح النصر هدفاً لا بديل عنه لأنه يحمل المجد والفخر والاعتزاز، وتحولت الهزيمة إلى عار وندب في الذاكرة لا يمكن القبول بها، وقد ذكرتنا المعارك التي خاضها الجيش العربي السوري خلال السنوات الماضية، بملاحم تاريخية ناصعة في التاريخ العربي، لا بل إن بعض المعارك التي خاضها أبطال الجيش العربي السوري كانت معجزة في تاريخ الحروب الحديثة، بالنظر لشجاعة المقاتلين واستعداهم للتضحية والفداء والثبات بمواقعهم رغم الظروف القاسية جداً.
الحفاظ على السلم الأهلي
لقد وضع الجيش العربي السوري في عقيدته القتالية الحفاظ على السلم الأهلي والأمن والآمان في البلاد قبل كل شيء وقد عكس تكوينه الوطني الذي يشمل جميع فئات الشعب من فقراء وأغنياء وأبناء مدينة وريف الحالة الوطنية التي يمثلها، لذلك لم تكن مصادفة أن الجيش كان العنوان الأبرز في الحفاظ على السلم الأهلي في كل المحطات التي عصفت بسورية منذ الاستقلال حتى يومنا وخاصة حالات التمرد والانقلابات التي واجهها بشجاعة وحكمة، بحيث بقي السلم الأهلي محمياً بوجوده رغم تبدل الحكومات ووجوه الحكم على مر السنوات.
تحرير الأرض المغتصبة
كما وضع الجيش العربي السوري في عقيدته القتالية تحرير الأراضي العربية المحتلة ومواجهة المشروع الصهيوني الذي يستهدف الأرض والإنسان والمصير العربي، وخاض معارك مشرفة وبطولية ضد هذا الكيان الغاصب منذ عام 1948 حتى اليوم، وكان أكثر المؤمنين بقضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني وقدم من أجلها الغالي والنفيس، كما دافع عن عروبة لبنان ووحدة أراضيه وحفظ سلمه الأهلي ضد المشاريع التقسيمية والتفتيتية التي استهدفته، واحتضن وعزز مقاومته الوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي وكان سبباً مباشراً في كل الإنجازات والانتصارات التي حققتها، كما دعم المقاومة الفلسطينية وكان ظهيرا لها في كل المحطات التي مرت بها.
قيم الاستشهاد والتضحية بالنفس
لعل من أهم مكونات العقيدة التي يتمتع بها الجيش العربي السوري هي قيم الاستشهاد والتضحية بالنفس، وهي العقيدة التي أثبتتها تضحيات أبناء الجيش من أعلى الرتب وحتى آخر مجند فيه، فعند النظر إلى قائمة شهداء الجيش العربي السوري، لا يمكن إغفال وجود العديد من الضباط من ذوي الرتب العالية ضمن قوائم الشهداء، ضباط برتب عماد ولواء وعميد قدموا أرواحهم وتقدموا قواتهم في المعارك، وبعضهم تحول إلى أسطورة في الصمود والتضحية في سجن حلب ومطار كويرس ومطار دير الزور والعديد العديد من الجبهات التي واجه فيها أبطال الجيش العربي السوري جحافل وشراذم الإرهاب العالمي المدعومة والقادمة من أكثر من مئة دولة حول العالم.
لقد شهدت الحرب الإرهابية التي واجهتها سورية في السنوات الأخيرة وكذلك حروب ومعارك سابقة تجسيداً حياً لهذه العقيدة الوطنية المشرفة، فكانت مثار فخر الأشقاء والأصدقاء والحلفاء، واطمئنان أبناء الشعب بمختلف مكوناته وفسيسفسائه، وفي مقابل ذلك كان سبب سخط واستياء وغضب المتربصين بسورية نتيجة فشلهم في تحقيق مآربهم وتمرير أجنداتهم العدوانية ومخططاتهم الاستعمارية.
إن نظرة ثاقبة للمعارك التي يخوضها الجيش العربي السوري اليوم تثبت امتلاكه لزمام المبادرة في كل الساحات والمواقع، وقد أجمع الخبراء العسكريون في الغرب على أن النجاح الذي حققه هذا الجيش وهو يقاتل على الأرض وفي الجو ضد الزمر الإرهابية المدربة في دول العدوان، كان قتالاً مهنياً تمت إدارته بمهنية عسكرية وبفنون العقيدة العسكرية، وبهذا أثبت الجيش العربي السوري أنه القادر على حسم المعارك، لحمله هذه المفاهيم العسكرية والعقائدية التي ورثها منذ تأسيسه وحتى الآن، وبذلك كانت رؤاه ومبادئه العقائدية تعطيه إمكانية النجاح في حسم المعارك التي يخوضها بغض النظر عن طبيعة العدو الذي يواجهه، وقد واجه في هذه الحرب الشرسة عدوانا أميركيا غربيا صهيونيا تركيا مضافا إليه حركات إرهابية متطرفة ومرتزقة ومجرمين من دول عديدة.
عبد الحليم سعود

 

التاريخ: الخميس 1-8-2019
رقم العدد : 17039

آخر الأخبار
"لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها