كتب المحرر السياسي:
في الأول من آب من كل عام، وفي كل يوم.. يستذكر السوريون أمجاد العز والبطولة التي سطرها أبطال الجيش العربي السوري على امتداد ساحات الوطن، متحدين الصعاب والمؤامرات والمخططات الرامية إلى ضرب الوحدة الوطنية التي تتوطد دعائمها الآن بفضل تضحياتهم حيث لم يدخر جهدا في محاربة الأعداء والغزاة، كما يفعل اليوم في حربه المفتوحة ضد التنظيمات الإرهابية الوهابية حتى تحرير كل شبر أرض احتله الإرهاب أو أي قوة أجنبية غازية ومحتلة.
74 عاما مرت على ذكرى تأسيس الجيش العربي السوري، ولم يزل يسطر مآثر العنفوان والفخار في الذود عن حياض الوطن الذي لم ينفك ينجب الأبطال لمواجهة كل من تسول له نفسه المساس بأمنه، حيث يستند في تنفيذ واجبه الوطني والقومي على عقيدته الراسخة وإيمانه الكبير بضرورة الحفاظ على كل حبة من تراب الوطن, ويتسلح بصلابة رجاله الأشداء لأنهم أبناء هذه الأرض, بتاريخها وعراقتها وحضارتها, وتربوا على حب الوطن, والتضحية في سبيل عزته وكرامته.
ومنذ تأسيسه قبل سبعة عقود أخذ جيشنا الباسل على عاتقه مهمة الدفاع عن عزة وكرامة الأمة جمعاء, فخاض ولم يزل معارك العزة والشرف ضد الغزاة الطامعين, مستمدا قوته من ثقة الشعب به, والتفافه حوله, فحقق الانتصارات تلو الأخرى, وكان له الدور الأكبر في تكريس النهج القومي الذي تتمسك به سورية, وتجلى ذلك في حرب تشرين التحريرية التي جاءت تأكيداً لإرادة الإنسان العربي وقدرته على تحقيق النصر, وقدم أيضا قوافل الشهداء على أرض لبنان في سبيل الحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه, وشارك قبل ذلك في صد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ،وهو مستمر اليوم في معركته الوطنية والقومية من خلال تصديه للحرب الإرهابية التي تقودها أميركا بأدوات مستعربة وإقليمية حشدت لها مئات آلاف الإرهابيين استقدمتهم من جهات الأرض الأربع, ولذلك بات الجيش شوكة في خاصرة الأعداء، الذين يستخدمون كل الأساليب القذرة للنيل من وحدته وتماسكه، لكن الخيبة والفشل تلازمهم باستمرار.
الجيش العربي السوري أدرك باكراً أن الإنسان هو العامل الحاسم في أي معركة، فانصب تركيزه على بناء الإنسان وتأهيله نفسياً وجسدياً وعقائدياً بما يمنحه القناعة والإيمان بعدالة القضية التي يقاتل ويضحي من أجلها، وهو ما شهدته برامج التأهيل المعتمدة في المنشآت التعليمية والتشكيلات المقاتلة والتطوير المستمر للمناهج التدريبية والتعليمية العسكرية، ومع مرور الوقت أصبح الجيش العربي السوري جزءا أساسيا ومتداخلا في بنية الجماهير الشعبية فقامت إستراتيجية الجيش على فكرة ربط الجيش بالشعب والعمل على تطوير المجتمع بما يؤدي إلى تعزيز عوامل الصمود وتمكين الدولة من النهوض بمهامها الوطنية والقومية فالقوات المسلحة اليوم درع الشعب ومصدر قوته وهي المعني الأول بحمايته والدفاع عنه ضد ما يتهدده من أخطار داخلية وخارجية.
في عيد الجيش يقف الشعب السوري إجلالاً لمن كانوا الأنبل في النبل، والأكرم في العطاء، لأولئك الأبطال الميامين الذين ترجلوا مضحين بأرواحهم لتبقى رايات سورية عالية خفاقة، فأبطال جيشنا الأبي الذين نشؤوا على ثقافة المقاومة، وتعلموا أبجدية الشموخ والإباء، وتقاليد العزة والكبرياء جديرون بأن يرثوا الثقافة الوطنية من آبائهم وأجدادهم الذين قاوموا الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي، فصنعوا الاستقلال ولم يستجدوه، وفرضوا الكرامة الخالصة ولم يقبلوها منقوصة بعهود الذل والتبعية، ويذهلون العالم اليوم، بقدرتهم على المناورة العالية والتكيف السريع وخوض المعركة ضد الإرهاب وداعميه بكل حرفية وإتقان.
جيشنا الباسل يصون اليوم سيادة سورية واستقلالها، ويقدم في سبيل ذلك قوافل الشهداء وكبرى التضحيات، غير عابئ بحجم التحديات وشراسة العدوان لأنه تربى على قيم البطولة والتضحية، والتزم في أداء واجباته بالنهج المقاوم الذي لا يقبل الخضوع أو الارتهان بمشيئة الطغاة والمعتدين، وهو يمتلك جميع مقومات تحقيق الانتصار الناجز على الإرهاب التكفيري، وإسقاط أوهام من يقف وراءه، فنحن أصحاب الأرض والحق، ولن نفرط بذرة من أرضنا، ولن نتنازل عن حقنا مهما غلت التضحيات واشتدت التحديات.
التاريخ: الخميس 1-8-2019
رقم العدد : 17039