في زمن جنون دولاري أجج نارا خضراء التهمت أحلامنا المتواضعة ، لتحولها رمادا مدفونا في حاضرنا و مستقبلنا ، و أتت على أمنياتنا المشروعة فجعلتها هباء منثورا ، و سلبت من جيوبنا المهترئة استقرارها النفسي ، و جعلت دخولنا الشهرية بحصة لا تقوى على سند جرة خاوية ، خسر البعض و ربما الغالبية العظمى منا أمانه المادي و توازنه المعيشي ، و بتنا نفقد انفاسنا و نحن نلهث وراء لقمة وضعنا لها قيودا لتكون حلالا .
بين الحلال و الحرام تراوحت خياراتنا الباحثة عن غاية مشروعة ، و حق انساني في حياة شريفة ، تكفل مسكنا ملائما و غذاء جسديا متوازنا ، و بالتالي تخلق أمانا نفسيا ضمن دائرة حياة مستقرة لا تهزها عواصف عقوبات اقتصادية ظالمة ، و لا شظف معيشي و حرمان من أبسط الاحتياجات الانسانية في ظروف ملائمة لراحة جسدية و نفسية .
حلول اسعافية عاجلة سارع إليها الكثيرون منا في محاولة لتجنب انهيارات بائسة في ميزانيته ، فكان العمل الاضافي واحدا منها لزيادة دخل الأسرة بما يضمن امكانية تلبية متطلبات عصرية متزايدة ، و يكفل باقصاء شبح الفقر عن جدرانهم ، ليغدو الراتب الثاني و ربما الثالث منقذا من الوقوع في براثن العجز المادي و التهالك المعيشي ، فرسم البعض لوحة مشرفة لطالبي اللقمة الحلال ، الذين غزوا كل زوايا شوارعنا بحثا عن مورد اضافي يرمم عجزا ماديا أصاب ميزانية عائلية .
و في الضفة المعتمة هناك من تفنن في البحث و التقصي عن أساليب ملتوية لمورد حرام يسنده ، و يجعله صامدا في مواجهة عواصف الغلاء المستعر ، فكان عبئا اجتماعيا يرخي بظلاله على الضفة المقابلة ، يسلبهم أمانهم أينما حلوا و يخطف ما في جيوبهم خلسة و خسة ، تراهم يرصدون تحركاتنا و يتحينون الفرصة لاقتناص عرق جبيننا فيتسللون إلى بيوتنا كالثعالب ، وفي الشوارع يغافلوننا لدس أيديهم في جيوبنا … انهم السارقون فاحذروهم !!!
منال السماك
التاريخ: الجمعة 2-8-2019
الرقم: 17040