ماذا يعني إنهاء الحكم الذاتي؟

في الخامس من آب الحالي أعلنت الهند إلغاء الحكم الذاتي الدستوري في ولاية جامو-كشمير منطقة لب الصراع مع باكستان الذي تعود جذوره إلى أكثر من سبعين عاماً، حتى العام ١٩٣٧، كانت الأراضي التي تشكل اليوم الهند وباكستان وبنغلاديش تسمى الامبراطورية البريطانية في الهند، وفي العام ١٩٤٧ منح البريطانيون الاستقلال لأراضي هذه الامبراطورية الكولونيالية مقابل تفجر العنف بين الهندوس والمسلمين في المنطقة أي كانت التجزئة هي الخيار الذي تم اتخاذه وفي الخامس عشر من آب من ذلك العام نشأت دولتان الهند بغالبية هندوسية والباكستان المسلمة، غير أن كشمير المنطقة الواقعة على الحدود بين البلدين الجديدين رفضت الخيار بينهما وآثرت الاستقلال لتشكل منذ ذلك الحين برميل بارود قابل للاشتعال في أية لحظة حيث شهدت صولات من العنف على مدى سبعة عقود لا مجال لذكر وقائعها وضحاياها، لعل من أبرزها ما حصل في العام ٢٠١٨ إذا كان أكثر دموية من الأعوام السابقة حيث قتل ستمائة شخص وفي الرابع عشر من شباط ٢٠١٩ تم استهداف قافلة عسكرية هندية بسيارة مفخخة في كشمير مات فيها أكثر من أربعين شخصاً.
الهنود العسكريون الذين يبلغ عددهم سبعمائة ألف في كشمير ينظر إليهم كقوة احتلال أكثر منهم مواطنين حيث اشترك هؤلاء بأعمال انتهاكات حقوق إنسان خطيرة كالذي حصل مع ٦٢٢١ جريح حين تم استخدام مادة الرصاص في إطلاق النار عليهم ما بين عامي ٢٠١٦-٢٠١٧ ما تسبب بعمى الكثير منهم، أيضاً هناك العنف الجنسي والإهانات التي تلحق بالناس وهي ممارسات تحدث يومياً ما يؤدي إلى إذكاء التوتر في كشمير والهند (خاصة ما بين ديمقراطيين مدافعين عن حقوق الانسان وما بين يمين متنفذ) وأيضاً بين الهند وباكستان، كشمير قنبلة موقوتة قد لا تنفجر هذا العام، إنها مسألة وقت وقد تشعل هذه القنبلة كل آسيا الجنوبية لا بل قد تسبب توترات أخرى فالصين حاضرة في كشمير وقريبة من باكستان وعلاقاتها معقدة مع الهند، أي أن كشمير يمكن أن تصبح غداً ما كانت عليه صربيا زمن الحرب العالمية الأولى إذا لم يتدارك الأمر.
لقد اعتبرت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الهندية لا سابقة لها وقد تم التحضير لها في سرية تامة من قبل الهندوس القوميين (جماعة رئيس الوزراء نارندرا مودي) ما قد يثير انتفاضة دامية في منطقة غالبيتها مسلمة وعدد كبير من سكان هذه المنطقة في الهيملايا يعادون الهند ويتمسكون بحكمهم الذاتي منذ سبعة عقود.
لكن لماذا اتخذت الحكومة الهندية هذا القرار الآن ؟
إن إلغاء الحكم الدستوري لولاية كشمير هو وعد قديم لحملة رئيس الوزراء مودي الانتخابية التي فاز فيها بأغلبية ساحقة من الأصوات في الربيع الماضي لولاية ثانية حيث أن حزبه كان يتمنى دائما أن يضع حداً لهذا الوضع في جامو وكشمير وحزب اليمين المتشدد لم يتقبل يوماً الوضع في المنطقة وكان مودي قد وعد منذ العام ٢٠١٤ بإنهاء هذا الوضع وعلى الصعيد المحلي فإن كشمير تشهد مرحلة اضطراب شديدة في السنوات الأخيرة وقد حل البرلمان الكشميري في تشرين الثاني ٢٠١٨ ومنذ ذلك الوقت تمت إدارة المنطقة من نيودلهي ريثما تحصل الانتخابات الجديدة. فبالنسبة للحكومة الهندية هي الإرادة بتغيير الوضع : أكثر من ١٧٠ مليون بلغ عدد الفقراء عام ٢٠١٥ بحسب البنك الدولي فالهند تضم ربع فقراء الكرة الأرضية والأحوال ليست جيدة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي فالاقتصاد الهندي يتهاوى بسرعة والاستثمارات تتراجع أما النتائج الدبلوماسية لهذا القرار فهي أن ذلك سيصعد من حدة التوتر مع باكستان حيث أدانت حكومة عمران خان هذا القرار وأعلن الجيش الباكستاني الوقوف بحزم إلى جانب سكان كشمير. أما على الصعيد الدولي فإن قرار الحكومة الهندية قد يعقد خروج الأميركيين من أفغانستان بعد ثمانية عشر عاماً من الحروب فواشنطن بحاجة إسلام آباد للمحادثات مع طالبان وإذا لم تدعم الولايات المتحدة مصالح باكستان في كشمير بعد القرار الهندي يمكن لإسلام آباد أن تنقلب على المفاوضات الأفغانية وكان دونالد ترامب قد عرض وساطته مؤخراً بين الهند وباكستان حول كشمير لكن العرض رفض من قبل نيودلهي التي اعتبرت أن المسألة تخص الطرفين فقط.
المجموعة الدولية تخشى تصعيدا للعنف لا يمكن السيطرة عليه بين الهند وباكستان، فإلي أين تذهب القوتان النوويتان؟

 

نوڤيل اوبسرڤاتور
ترجمة مها محفوض محمد
التاريخ: الثلاثاء 13-8-2019
رقم العدد : 17049

آخر الأخبار
الرئيس الشرع.. الاستثمار بوابة الإعمار واستقرار سوريا خيار ثابت المولدة تحرم أهالي "الصفلية " من المياه.. ووعود ! مسؤول العلاقات العامةلحملة "الوفاء لإدلب" يوضح لـ" الثورة" موعد الانطلاقة وأهدافها الرئيس الشرع : سوريا لا تقبل القسمة ولن نتنازل عن ذرة تراب واحدة الرئيس الشرع  يطرح رؤيةً لعهد جديد: سوريا في مرحلة مفصلية عنوانها بناء الدولة بأغلبية ساحقة.. الجمعية العامة تتبنى إعلاناً حول حل الدولتين توافق دولي في مجلس الأمن على دعم التعاون السوري – الدولي لإنهاء ملف الأسلحة الكيميائية اللجنة العليا للانتخابات: إغلاق باب الترشح وإعلان الأسماء الأولية قريباً الرئيس الشرع يستقبل الأدميرال تشارلز برادلي كوبر قائد القيادة المركزية الأمريكية دخول 31 شاحنة مساعدات إنسانية أردنية قطرية عبر مركز نصيب ترحيل القمامة والركام من شوارع طفس "التربية والتعليم": قبول شرطي للعائدين من الخارج وزيرة الشؤون الاجتماعية: مذكرة التفاهم مع الحبتور تستهدف ذوي الإعاقة وإصابات الحرب مهرجان «صنع في سوريا» في الزبداني… منصة لدعم المنتج المحلي وتخفيف الأعباء المعيشية خطوات صغيرة وأثر كبير.. أطفال المزة  ينشرون ثقافة النظافة محافظ حماة يفتتح "المضافة العربية" لتعزيز التواصل مع شيوخ القبائل   " التعاون الخليجي" يجدد إدانته للعدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية  البرلمان الأوروبي يدين  منع "إسرائيل " المساعدات عن غزة ويدعو لفتح المعابر  تفاقم أزمة المواصلات في ريف القرداحة  منحة نفطية سعودية لسوريا… خطوة لتعزيز الاقتصاد والعلاقات الثنائية