الملحق الثقافي:فاتن أحمد دعبول :
تستعد مكتبة الأسد الوطنية لاستقبال زوارها من المثقفين والمهتمين في معرضها السنوي بدورته الحادية والثلاثين والذي يقام تحت شعار «الكتاب.. بناء للعقل» وذلك في الفترة الواقعة بين 12 ولغاية 22 من شهر أيلول للعام 2019، متوجاً بشخصية العام الشاعر الفيلسوف الكبير «أبو العلاء المعري».
ويتميز المعرض منذ الدورة الأولى في العام 1985 أي بعد عام واحد من تدشين مكتبة الأسد في دمشق بالحضور اللافت لدور النشر المحلية والعربية والأجنبية، ويشكل تظاهرة هامة على صعيد نشر ثقافة القراءة واستقطاب المهتمين بالشأن الثقافي للاطلاع على الإصدارات الحديثة وحركة تطوير النشر، وهي تشكل في الآن نفسه جسراً للتواصل بين الثقافات المختلفة لتلبي الاحتياجات كافة.
ويشكل معرض الكتاب مصدراً هاماً ورمزية خاصة في تقديم المنتج الثقافي والفكري والذي يساهم بدوره في إعادة بناء الإنسان على أسس وقيم بعيدة عن التشوه والتطرف، وما أحوجنا اليوم إلى ثقافة تنويرية تساهم في دحض ما حاول الإرهابيون تكريسه في بلادنا من فكر لا يشبهنا في فكرنا وحضارتنا التي أهدت العالم أبجديتها والكثير من العلوم التي ما تزال تدرس في الجامعات الغربية وتبنى على إثرها الكثير من معالم الدول والحضارات.
وتتنافس في معرض الكتاب الدولي الذي تحتضنه مكتبة الأسد الوطنية أكبر مكتبات دمشق العامة، تتنافس دور النشر المحلية والعربية والأجنبية في تقديم كل جديد وبأسعار مقبولة لاستقطاب شرائح المجتمع كافة، هذا إلى جانب الوثائق التاريخية والصحف والدوريات، حيث تسعى دور النشر لعرض منتجها بالشكل الذي يليق بالزائر، وإبراز العناوين الهامة التي تجذبه إليها.
كما يرافق المعرض نشاطات متعددة من توقيع للكتب لعدد من الأدباء والمفكرين والشعراء، وندوات متخصصة بجنس أدبي أو قضية ثقافية أو علمية، وأمسيات شعرية، وأنشطة خاصة بالأطفال، ويصاحب البرنامج الثقافي للمعرض برنامج للعروض السينمائية من إنتاجات المؤسسة العامة للسينما، وسيتم وضع رؤية بصرية متكاملة تتضمن إعلانات برؤية جمالية تتناسب مع معرض الكتاب.
وسيشهد معرض الكتاب في دورته 31 لهذا العام ولأول مرة تكريم قامات ثقافية سورية مهمة ساهمت بشكل كبير في دعم الحركة الثقافية في سورية، وشكلت قيمة مضافة في عالم الفكر والإبداع.
وجدير ذكره أن الاستمرارية والحضور السنوي لمعرض الكتاب الدولي في دمشق، ماعدا أربع سنوات من عمر الحرب على سورية، يؤكد على أهميته الكبيرة في تقديم ما من شأنه أن يشكل لبنة صلبة في بناء الإنسان وتحصينه من الأفكار الظلامية التي يعمل الإرهابيون على إدخالها على مجتمعنا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يؤكد على دوره في استقطاب دور النشر العربية والأجنبية للمشاركة في تقديم منتجها الثقافي في واحد من أعرق المعارض وأهمها.
وهذا بالطبع لم يكن ليتحقق لولا تضافر الجهود والتعاون بين الوزارات والمؤسسات المعنية بالشأن الثقافي واللجان المتخصصة في اختيار الكتب التي تحمل في مضامينها ثقافة عالية المستوى، وبعيدة عن التطرف والفكر الإرهابي.
أما شخصية هذا العام فهي لأبي العلاء المعري الشاعر والفيلسوف الذي تجاوز زمنه ومجتمعه إلى أفق أرحب وأوسع، ولا يعرف الحدود في الفكر والفلسفة والأدب، واجه التعصب والتكفير، ولقب برهين المحبسين «العمى والبيت» من أعماله «سقط الزند، اللزوميات، رسالة الغفران، فصول وغايات..».
واليوم إذ تستعد مكتبة الأسد الوطنية لاستقبال زوارها نستذكر معاً كيف تحول معرض الكتاب في دورته السابقة إلى مهرجان ثقافي واجتماعي، فقد تقاطرت الأسر والعائلات بصحبة الأبناء لتكون الخيارات مشتركة وتشجيع الأجيال على حب القراءة وصحبة خير الجليس، والمشاركة في متابعة الأفلام السينمائية، ليتحول معرض الكتاب إلى طقس ثقافي من الطراز الرفيع بما يقدمه من فائدة ومتعة.
التاريخ: الثلاثاء27-8-2019
رقم العدد : 17057