الملحق الثقافي:عقبة زيدان:
لا ينحصر الضمير الإنساني بقومية أو بجنسية محددة، وهذا مناقض لما يقوم به الغرب من ترويج لوهم تفوقه على الشعوب الأخرى. وكثير من الكتابات الغربية التي تناولها إدوارد سعيد في كتابه «الاستشراق» نحّت ضميرها جانباً، ورفعت من شأن العنف الغربي في مقابل السلام الشرقي، واعتبرت الوحشية الاستعمارية وإعدام الحريات في مناطق نائية، تعزيزاً للحريات والديمقراطيات في العالم!!
فالرجل الأبيض – فوق كل شيء – يسعى سعياً حثيثاً وراء المال والثروة، وإشباع رغباته في حياة الرفاهيَّة الخلابة، لأنَّه يزعم تمثيل «الرجل الحضاري»، والذي يعتبر جذور كل الشرور موجودة في الآخر أينما وجد على هذه المعمورة. هذا الآخر الذي يعيش في حاله ولا يطمع فيما لدى الآخرين، يقلق مضاجع الأوروبيين البيض، الذين يمثلون العري الأخلاقي والجشع الاستعماري والاضطهاد الإمبريالي.
من الغرب نفسه، خرجت روايات تدين الهمجية الغربية واحتلال أرض الآخر. تلك الهمجية التي سوغت لنفسها قهر كل ما عداها تحت مبررات عنصرية، وفي الوقت نفسه تدعي التقدم والمدنية. إنه الظلام الدامس الذي يطغى على عقول ونفوس الغربيين، والذي لا بد أن يودي بهم إلى الهلاك. وهي الفكرة التي قدمها كونراد بعبقرية –في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين – في روايتيه «قلب الظلام» و«نوسترومو». وبقيت «قلب الظلام» هي الأبرز في تعرية الاستعمار وتفنيد مقولاته وادعاءاته حول السلام البشري وحقوق الإنسان، وتدعمها دراسات وأعمال فكرية وروائية قليلة.
لم يتغير العالم كثيراً، واستمرت العنجهية الغربية ونظرياته في التفوق، وما تغير حقيقة هو الأساليب والشعارات، وطرق إماتة الشعوب الأخرى.
التاريخ: الثلاثاء10-9-2019
رقم العدد : 964