ليترسّخ الفعل

 

 

ربما يتذكر الكثيرون من جيلنا، نحن الذين تجاوز ربيعنا نصف القرن، ومن باب أن المحن التي كنا نعيشها ليست إلا نزهة أمام نراه، لذلك قلت ربيعنا، نتذكر تلك الأيام على ما فيها من مرارات وشكوى وعذاب، لكنه الفعل المخصب والمعطاء، كانت أجمل الهدايا التي تقدّم لنا حين نحقق أمراً ما، كتاباً، مجلة، أي شيء مطبوع، يقرأ ويقدم الفائدة والمعرفة .
كم تباهينا ونحن في المرحلة الإعدادية بما قرأناه من مجلات وكتب وروايات، وكانت الأخيرة هي المحطة الثانية لنا بعد ألغاز أرسين لوبين، وما في قائمة الأدب البوليسي، ليحلّ الأدب الرومانسي الحالم مكانها، ولتأتي روايات نجيب محفوظ بعد ذلك، ولاسيما زقاق المدق، وبعده كتاب آخرون ممن يقدمون وجبة رومانسية شدّتنا إلى تلك الربوع والأماكن التي عشنا فيها مع شخوصها .
اليوم، لم يعد الكتاب هدية، ولم يعد لأحد ما أن يقول لك: أوفر بضع ليرات من مصروفي لأشتري كتاباً، ولم تعد المدارس تعنى بالقراءة والمطالعة، بل إن مناهجنا المدرسية تخلّت عن درس القراءة المفيدة ليصبح ركاماً من أسئلة يظن عباقرة التأليف أنهم مبدعون بوضعها، وهي ليست إلا دليل عجزهم.
هل ستجد من يقدّم لصديقه، حبيبته، من أردت يقدم لها، له، مجموعة لنزار قباني ؟ بالتأكيد: لا، سيكون الأمر رائعاً لو أنه يحصل، صار الحال مختلفاً تماماً، لن نبكي على أطلال الماضي لو أن العالم كله تحوّل كما نحن، لا ننكر ثمة تحولات كبرى في التوجهات، لكن ليس كما عندنا، كما لدى المجتمعات التي نخرها الاستهلاكي والزائف والعابر، أخرجت أحقادها وضغائنها، ونصبتها فعلاً يومياً معاشاً وكارثياً.
قد يسأل أحد ما: لم هذا الموشح البكائي؟ وحقه ذلك، ولكن من حقنا أن نتمنى ديمومة بعض الاهتمام بالقراءة والكتاب ونحن في موسمه، في حصاد المعرض، وما قدمته دور النشر العربية المشاركة والسورية على وجه الخصوص، سرّني جداً أن أرى هذا الاحتفاء والاهتمام بالكتاب، أن يعود نبض الحرف بهياً، أن ترى أطفالاً بعمر الندى يتصفحون الكتب والمجلات، هذه خطوات الفعل الراسخ والحقيقي، أن ننتقل من العابر إلى الأصيل، ونعرف كيف نبني على ثوابت لا تهتز أبداً.
في معرض الكتاب الكثير مما يقال، ويجب أن يقال الآن وبعده، ولي شخصياً ثقة أن ما يجب أن يكون قد بدأ، ولكنه يحتاج إلى أكثر من ذلك، يحتاج جهودنا جميعاً، جربوا أن تكون الأسرة نواة ذلك، إذا ما فعلتم ذلك فسوف يكون الحصاد رائعاً، أعرف من تجربتي الشخصية مع حفيدتي (المريمين) ما إن أدخل البيت حتى تسألا عن كتاب أو قصة، شغف بالورق والصورة، ولا يعني هذا حرمانهما من حق طفولتهما باللهو والشقاوة، فلكل عمر حقه مما يجب أن يمر به، ونحن نعيش عرس الكتاب، نأمل ألا يكون الاحتفاء موسمياً وعابراً، فليترسخ فعلاً وإنجازاً، وهذا دربه طويل لكنه ليس شاقاً، وكلنا مسؤولون ومعنيون به.
ديب علي حسن

التاريخ: الجمعة 20-9-2019
رقم العدد : 17079

 

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية