الملحق الثقافي:موسى تقي:
كان عليها أن تتأكد جيداً من أن التمعن في سماء عينيه يورث القلق طويلاً، ولم تزل تناجي راحة يده أن تمتد قليلاً إلى وجهها علها تكون البلسم فتشفي المرض، وأنّى للمرض أن يفارقها، ففي كل صباح عندما تقترب شفتاها من حافة الفنجان، يتراءى لها ثغره المبتل، فتعيد النظر فلا ترى سوى وجه القهوة التي لم تجد تحضيرها.
يتواجد في كل تفاصيل حياتها حتى في شحنات معطفها الصوفي الذي يلامس جسدها الحنطي، تنشد له في كل يوم: أيها الحبيب الذي لا يفارق طريقي ولا موقف الباص ولا طعام الغداء ولا كتابي في كل لحظة من ذاك النهار تبقى سيد المواقف.
كان من الواجب أن أخفف من جرعة تخيًّل وجهك ليلاً قبل الإبحار في أحلامي التي تأخذني إلى حيث أشاء ولم يُشأ لي أن أكون.
وعندما يلامس جسدي السرير لا أشعر إلا برغبة قوية بوضع يدي على عينيّ، وما هي إلا هنيهة وتمتد يدٌ من قربي لتلامس كتفي، فأحاول كتم أنفاسي لأشعر بتلك اللحظات دون أي صخب. دافئة هي أنفاسك التي تتأرجح من أذني إلى ثغري إلى كل مكانٍ من جسدي لتنحت معالمه من جديد، فلا أستطيع إلا أن أجفّف الدمعة التي تترنح بين أجفاني وتأبى السقوط. شُدني إلى جسدك أكثر واهمس: لا للخوف بعد اليوم، دعني أشبع من النظر إلى عينيك، هناك أخبئ كل أفراحي، وأستمد ما أستطيع من أمل وحياة.
أرجوك لا تقترب أكثر من شفتي، فلن أستطيع الصمت أكثر. لقد أتعبني الصبر.
لا أريد إلا أن تبادلني كلمة الحب بكل الأبجديات، ولا للوحدة من بعد اللحظة.
دعني أقضي تلك الليلة على صدرك فأسرق موسيقى قلبك.
لا تبخل عليّ بنبضات قلبك ولتملأ النشوة كل أجزاء غرفتي وجسدي وعالمي.
كل هذا وأكثر كانت تفعله صورته التي أدمنتْ على عناقها في لياليها الطويلة، منتظرة عودته من السفر، وكالعادة تنهي أحلام اليقظة بسيجارة ما قبل النوم.
التاريخ: الثلاثاء24-9-2019
رقم العدد : 966