الملحق الثقافي:عقبة زيدان :
يتناول جيريمي ريفكين، في كتابه «عصر الوصول»، توحش النظام الرأسمالي العالمي، وسعيه إلى تسليع كل الأشياء، وخاصة الثقافية منها. ويصل إلى نتيجة أن الحضارة الغربية ستصل إلى مرحلة التحجر، وذلك بسبب عدم وجود إنتاج ثقافي حقيقي، واستبداله بكل ما يدرّ مالاً.
عبر التاريخ، اعتمدت الدول على الإبداع الخلاق، وهو ما جعلها تتطور وتتقدم، أما الرأسمالية فهي تجرد المجتمع من الإبداع الثقافي، وهذا سيقوض النظام الرأسمالي برمته. إن الاعتماد على تسليع الفن والإبداع، سيفقد الحياة غذاءها الروحي، وستصل إلى مرحلة من التحجر ومن ثم الاحتضار.
لقد ابتدأت مرحلة التسليع، مع بدايات التصنيع الأوروبي، وتفاقمت مع التمدد الصناعي، ووصلت ذروتها مع عصر التكنولوجيا الحالي. سعى المنتجون الصناعيون إلى الاستحواذ على خيرة الكتاب والفنانين والمثقفين الشباب، واستخدموهم في مهمة ربط الأهمية الثقافية إلى المنتجات التجارية. وأصبحت الثقافة قابلة للشراء في السوق التجارية، مثلها مثل أية سلعة لا قيمة فنية لها.
تنجز الرأسمالية الآن انتقالها إلى رأسمالية ثقافية، وهي تستحوذ على المعنيين بالثقافة، وتنقل المشاعر الإنسانية إلى حيز السوق. ويصف غي دوبور التغير الهائل في العلاقات الإنسانية الذي جلبته قوى الرأسمالية الثقافية، ويعلن أن الرأسمالية تضفي الصفة المادية على ما هو نافع للبشرية، هكذا تتحول الثقافة إلى سلعة في حركة رأس المال.
إن انهيار الحضارة الرأسمالية، لن يكون سريعاً كما يتوقع البعض، لأن التحول الثقافي التام إلى السوق المادي لن يكون بين ليلة وضحاها. وإن جرس الإنذار لانهيار الحضارة الغربية، لن يؤثر فقط عليها بل سيؤثر على البشرية جمعاء، لأنها تستخدم وسائل التواصل الرأسمالية، وتنصاع لها.
التاريخ: الثلاثاء24-9-2019
رقم العدد : 966