دوريات… أدب الجماليات وتجلياته في زمن الرّق…«الحركة الواقعية الجديدة في الأدب الأميركي – الأفريقي»

ظهر الأدب الأميركي «الأسود» في ستينيات القرن العشرين، يميل كتّابه إلى التصوير الواقعي للحياة، واصفين الماضي المليء بمعاناة الأفارقة الأوائل الذين جيء بهم إلى أميركا، فاستمر الرجل الأبيض في اضطهادهم وجعلهم عبيداً، فحرموا من أبسط حقوقهم الإنسانية وحمّلوا أشد أنواع الأعمال وأشقاها، وهنا بدأ التعبير الإبداعي الكتابي عن مشاعر وتجارب السود بروايات العبيد، مركزاً الأدب الأميركي الأسود على العنصرية والعبودية والحرية، وهو ما سلط عليه الضوء في المجلة الفصلية «الآداب العالمية» التي يصدرها اتحاد الكتاب العرب في سورية تحت عنوان «الحركة الواقعية الجديدة في الأدب الأميركي-الأفريقي» الأدب الذي شهد منذ عام 1970 حتى وقتنا الحاضر تغييراً في بعض النواحي لكن المظهر الاحتجاجي بقي ثابتاً، إلا أن شكل التعبير عن الاحتجاج تحول من الاستراتيجيات السرية إلى استراتيجيات بلاغية أكثر علانية، وكان لهذا التغيير في الاستراتيجية أثر في تغير الجمهور، فقد كان على بعض الكتاب الأوائل إخفاء المعلومات، وذلك رغبة في تجنب القول المباشر حتى لا يسيئوا لأي من القراء، فقد كان في نية الكتاب الأميركيين- الأفريقيين الأوائل الإقناع باستخدام الأمثلة والتشابيه والاستعارات وغيرها من الأدوات الأسلوبية الأخرى.
تصدر غلاف المجلة عنوان «بريد السماء الافتراضي» وهو حوار مع الشاعر والفيلسوف فريدريك نيتشه الذي يسأل: «هل يوجد هنا تمثال للحرية كذلك الشبيه بنيويورك؟ يجيب نيتشه أجل لقد تم نقله من أمريكا إلى هنا، بعد نفاد الحاجة من وجوده أمام مبنى الأمم المتحدة، فشبيهي ترامب اليوم، هو السوبرمان، وقد يكمل الفصل الأخير من النيتشوية على الأرض، الأمر لا يتطلب غير كبس اصبع زر واحد ليكون العدم».
لم يصدق العديد من البيض في مرحلة العبودية أن السود عانوا من الوحشية التي كانوا يدّعونها، لذلك تحدث الكتاب السود في قصصهم عن العبودية، والتطلع إلى الحرية، بغية استعطاف وتحفيز أولئك الذين لديهم القدرة على فعل شيء لتحسين أحوالهم.
ولا تزال عناصر الاحتجاج في الأدب الأميركي-الإفريقي في أواخر القرن العشرين العنوان السائد في التقاليد الفنية للسود، فهناك توازن بين أهمية الشكل والمضمون، ولكن خلافاً لذلك فقد امتاز أدب الجماليات عند السود بإيصاله للرسالة.
قصة «السمكة الصغيرة السوداء» لكاتبها صمد بهرنكي واصفاً الانعتاق والتمييز العنصري « قالت السمكة السوداء لسمكات البركة « لو كنتم تدركون أو تفهمون لعرفتم أن الكون مليء بالموجودات السعيدة الهانئة ذات الأشكال المتنوعة والمتميزة ولكل منها اسمه الخاص! أما أنتم حتى اسمكم ليس ملكاً لكم!».
وكذلك علت أصوات الشاعرات الأفريقيات الأميركيات فعبرت عن سياسة العرق والنوع والتوجه الجنسي بأساليب عميقة، لم توظف لورد شعرها، لمكافحة العنصرية وحسب بل لتعزيز الحركة الأنثوية وفي تلك المرحلة ظهرت «ريتا دوف» أول شاعرة سوداء حائزة على جائزة الولايات المتحدة والتي كتبت عن القضايا العنصرية وتناولت عناوين أخرى مثل العلاقة بين الأم والابنة.
بينما تنضم «رواية «صمت البحر» للكاتب الفرنسي «جان بروليه» إلى الروايات التي قاومت العنصرية والاضطهاد، تساؤل يطرحه المترجم: هل عرف الأدب الفرنسي مفهوم الأدب المقاوم، وهل عاش أدباء فرنسا آثار الاحتلال وويلاته، وهل كتبوا أدباً مقاوماً؟! نعم، ولبيان مدلولات هذه الكلمة فتلك الرواية للكاتب الفرنسي «فيركور» وهو اسمه الأدبي المختلق اقتضته ظروف الاحتلال الألماني للأراضي الفرنسية في الحرب العالمية الثانية! فقد كانت هذه الرواية من بين خمس وعشرين رواية مقاومة كتبت أثناء فترة الاحتلال الألماني للأراضي الفرنسية وقد وزعت جميعها ليلاً وخفية كمنشورات سريّة، وقد درست هذه الرواية في المدارس الفرنسية وباتت وجهاً من وجوه الأدب الفرنسي المقاوم للاحتلال الألماني كما باتت وجهاً من وجوه الروائي الرفيع.
مقتطفات من أجمل الروايات المترجمة والأبحاث النقدية والدراسات العالمية جمعتها ثلّة من الباحثين والكتّاب من أعضاء الاتحاد الكتّاب العرب، مستهلة بقلم رئيس تحرير المجلة «بديع صقور» تحت عنوان «لا تعترض طريق الشمس» مختاراً: تجاهل الإسكندر طلب «ديوجين» وعلى رأس جيوشه الجرارة، اندفع غازياً أرض الشرق، وبلاد فارس والكثير من بلدان العالم محاولاً اعتراض طريق الشمس، غير أن الشمس لم تهمله طويلاً، فأخمدت أنفاسه فوق تراب بابل..وحين أشرقت أيبسته كعود الحطب.. ويوماً إثر يوم نخر الدود عظامه.. وفتكت النزاعات بقواده وغنائه.. وإلى اليوم ما تزال الشمس تشرق، دونما أي اكتراث بالغزاة والطغاة الذين يحاولون اعتراض طريقها الجميل.
متابعة: رنا بدري سلوم

 

التاريخ: الأربعاء 25-9-2019
رقم العدد : 17083

 

آخر الأخبار
إنزال أول كابل بحري دولي يربط سوريا  بالعالم  سوريا تعزز موقعها الاستثماري في "مبادرة مستقبل الاستثمار 2025" بالرياض   الدواء السوري يعود إلى الواجهة   دعم منظومة مياه الشرب في بصرى الشام بدرعا   مسؤول أممي: إعمار سوريا ضرورة لاستقرار المنطقة الذهب والمعادن الثمينة.. فرصة لتعميق التعاون بين سوريا وأذربيجان أول سفير تركي في دمشق منذ 2012 ..ترسيخ للعلاقات والتعاون الاستراتيجي بمشاركة 50 صناعياً.. انطلاق معرض خان الحرير للألبسة الرجالية في حلب بحث تعزيز التعاون بين جامعة حلب ومنظمة "إيكاردا" و "السورية للبريد" هاكان فيدان يعيّن نُوح يلماز سفيراً لتركيا في سوريا "المؤتمر الطبي الأوروبي العربي الأول".. شراكة للعلم والحياة قطر وباكستان تجددان دعمهما لوحدة وسيادة سوريا الأمم المتحدة: 300 ألف لاجئ سوري عادوا من لبنان إلى وطنهم منذ مطلع 2025 وزير التعليم العالي: سوريا تنهض بالعلم من جديد وتستعيد مكانتها الطبية في العالم مايك بومبيو: أحمد الشرع هو “الرهان الأفضل” لمستقبل سوريا والمنطقة مئة يوم على اختفاء "حمزة العمارين" في السويداء ومطالب حقوقية بكشف مصيره أسعار المدافىء في حلب تحول بين المواطن ودفئها.. والغلَبة للبرد..!   وفد إعلامي سوري يختتم زيارة إلى قطر لتعزيز التعاون الإعلامي بيروت تُعين هنري قسطون سفيراً لها في سوريا قطاع الكهرباء.. فرص واعدة وتحديات قائمة