ثورة أون لاين – موسى الشمّاس: اعتبر البعض أنّ الشروط التي تطلبها الجهات العامّة في مسابقاتها باتت مكشوفة فالهدف منها التنصّل من مسؤولياتها تُجاه طالبي العمل ,خاصّة في ظلّ وضع شروط وسحبها بعد فترة ثمّ إعادة تفعيلها مجدداً، أمور يقف طالب العمل أمامها مستغرباً و متسائلاً و متذمّراً معاً و و لسان حاله يقول: ما الذي يحدث خاصّة فيما يتعلّق بقرار ضرورة وجود شهادتي الاختبار الوطني للغات و الحاسوب كشرط لازم ليس للتوظيف بل لمجرّد التقدّم بالأوراق لمسابقة ما.
البداية مع بعض العاطلين
"هل سيقنعونني بهذا القرار أنّهم أوقفوا الواسطات، ها هي ثلاث سنوات تمرّ بعد صدور القرار في 4-1- 2009 و لمس الجميع بوضوح أنّه قرار مؤذٍ و مربك لطالب العمل هذا ما قاله خليل الباشا 25 سنة خريج أدب إنكليزي دفعة 2004 عندما تقدّم لمسابقة وزارة الإسكان و التعمير و كان قد مضى على انتهاء مدّة صلاحية شهادة اللغة الإنكليزية في الاختبار الوطني للتوظيف ثلاثة أيّام.
و أضاف لقد كان قرار مجلس الوزراء حول التعيين في الجهات العامّة بطلب وثائق إنكليزي و حاسوب قراراً ظالماً,و هذا ما أثبتته التجربة التي تراجعت عنها الحكومة السابقة بعد تطبيقها لمدّة سنة و شهرين ولا أدري لماذا عادت الحكومة الحاليّة لإعادة تطبيقها بقرارها ( 16469 ) تاريخ 23-11-2011 حيث اشترطت حصول المتقدّم على وثيقة اجتياز الاختبار الوطني للغات الأجنبية الذي يتمّ تنظيمه من قبل وزارة التعليم العالي في المعاهد العليا للغات في جامعات القطر وفي مراكز تمّ إحداثها في مختلف المحافظات, والثانية وثيقة اجتياز اختبار مهارات استخدام الحاسوب والذي يتمّ تنظيمه من قبل الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية أو أحد فروعها في المحافظات.
خليل الباشا الذي وصف القرار بالـ "خطوة المجحفة عمليّاً بحقّ طالبي العمل فهناك شهادة يجب الدراسة لنيلها و ليتها كانت كباقي الشهادات فمدّة صلاحيتها سنتان فقط يجب بعدها العودة للخضوع لدورات تقوية من أجل نيلها و إلاّ فلا أمل بالتقدّم لأيّة وظيفة و هذه الاختبارات بنظر الباشا جيّدة ظاهريّاً لأنّه يسوق لها على أساس أنّها ترفع من مستوى الموظّفين في الدولة"، و يرى الباشا أنّ هذه الخطوة يجب أن يتماشى معها "رفع مستوى اللّغة في بلدنا سواء في المدارس أو الجامعات، لأنّ العديد من الطلاب يدخلون الجامعات وهم لا يفقهون شيئاً باللغة سواء الإنكليزية أو الفرنسية، هذا ما يتعلّق باللغة".
ويشير الباشا إلى أنّ "الكومبيوتر أمر ضروري في هذا الوقت فكلّ شيء الآن يمشي أو يتمّ تسييره على الكومبيوتر"، منوهاً أنّ العديد من الأشخاص "يتمّ توظيفهم بدون أن يكون لديهم أيّ مؤهل أو أن يخضعوا لأيّ مسابقة" فالقرار على حدّ قوله "سينّفذ على من لا يملك واسطة".
ابتسام الحمد 31 سنة خرّيجة حقوق تعلّق على القرار بقولها "لازم يكبّوا 99% من موظفي الدولة على أساس هذا القرار".
بلغة هجومية تغلب عليها نبرة اليأس تقول الحمد إنّ أغلب موظّفي الدولة أكل الزمان عليهم وشرب بالوظيفة، فهل الدولة بالأساس ليس لديها شاغر حتّى توظّف آخرين ، يجب أن يردف هذا القرار بقرار تسريح الكثير من الموظفين القدماء حتى تدخل الروح الشابّة لدوائر الدولة".
وحول اهتمام الدولة باللغة والكومبيوتر بهذا القرار تقول الحمد "القرار جيّد لكن يجب أن يكون هناك من يطبّقه أوّلاً"، وتوضح بنوع من التهكّم أنّ "أغلب الخرّيجين هذه الأيّام وحتّى من يكون منهم من مستوى ماديّ واجتماعيّ جيّد لا يجيد اللغة بشكل جيّد".
وتقول "عندما كنّا في المدرسة وندخل دورات خاصّة باللغة كانت تعتبر كنوع من الرفاهية كي يظهر الواحد أنّه ابن عائلة غنيّة، وهو ما يعتبر من مسؤولية الدولة أن توفّره لكلّ الشباب والأطفال بأسعار مقبولة".
عرفان الأسود 24 عاماً خرّيج ماجستير تربية رفض الاستماع لنا واصفاً القرار بأنّه "لا يسمن ولا يغني من جوع، فمثله مثل غيره من قرارات سيوضع على الرفّ، والواسطة هي التي تقرّر من له الأحقيّة بالوظيفة".
ودعا الأسود الدولة إلى أن تضع كومبيوترات في الدوائر التابعة لها ومن ثمّ تطالب الموظّف أن يتعلّم عليه "فأغلب الدوائر لا يوجد فيها كومبيوترات وفي حال وجد يكون غير صالح للاستخدام، فنحن في الجامعة كان لنا مقرّر خاصّ بالمعلوماتية، ولكن عندما تدخل غرفة الكومبيوترات يكون من أكبر المحظورات عليك أن تمسّه، فكيف لنا أن نعرف كيف نعمل عليه".
الجمعيّة المعلوماتيّة
و في هذا السياق فالاختبار يجري عن طريق الحاسب لضمان الشفافية ونتائجه ترسل إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هذا ما أوضحته الجمعيّة العلميّة للمعلوماتيّة والتي كان لها رأيها بالقرار وكيفيّة إجراء الاختبارات، حيث يقول الدكتور رند قوتلي المشرف على عملية الاختبارات في الجمعية العلمية للمعلوماتية: إنّ "الاختبار كان يجري بناء على كتاب موجّه من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى الجمعيّة لإجراء فحوص بالموادّ الحاسوبيّة وفق متطلّبات الوظيفة التي يرغب المتقدّم بالتقدّم إليها" و أصبح الآن لمن يطلب.
وأضاف قوتلي أنّ "الاختبار يجري عن طريق الحاسب ممّا يضمن إجراء الاختبار بشفافية دون مجال للشكّ بالنتائج ", مشيراً إلى أنّ "هذا الاختبار يتمّ إجراؤه حالياً في مختلف المراكز التابعة للجمعيّة".
و استهجن الدكتور عمر مصطفى عميد كلية الآداب و العلوم الإنسانية بجامعة دمشق إجراءات كهذه تعقّد التوظيف و تضع العصيّ في الدواليب دون أن يكون لها أيّة مفاعيل إيجابية على أرض الواقع
و أضاف أكاد أجزم بأنّه لا يوجد أكثر من 3 % فقط من الذين يتمّ توظيفهم في دوائر الدولة يحتاجون إلى هاتين المهارتين و هؤلاء يمكن بكلّ سهولة إجراء اختبارات مهارة لهم بعد التوظيف حتّى لا نعاقب الـ 97 % الباقين بجعلهم يدفعون مبالغ ماليّة بمنأى عنها.
و لم ير مصطفى في الإبقاء على شرطي الحاسوب والإنكليزي في التوظيف إلاّ ترسيخاً لمبادئ لا أساس لها على أرض الواقع رغم المظهر البرّاق الذي تتقدّم بعض الجهات من خلاله بها لابقاء وجودها و جعلها تبدو عقبة إضافية في طريق التوظيف الذي بات بعيد المنال عن مئات الالاف من العاطلين عن العمل و الذين بلغ عددهم ما يزيد عن المليون و الثمانمئة ألف شخص.
آراء لتلافي المشكلة
من جانب آخر رأى الدكتور عمر مصطفى أنّه يمكن تطبيق مجموعة من المعايير التي تجعل مشعرات التوظيف تحقّق أهدافها
بأن يحدّد وقت المسابقة والنتائج والتوظيف للناجحين بشكل وأضح دون غموض وأن يتمّ الالتزام بذلك من الجهات الرسمية المعنيّة مع تحديد وقت صدور النتائج للمتقدّمين بحيث تكون الفترة الزمنية بين التقدّم للمسابقة وصدور النتائج والتعيين ذات مهل محدّدة وواضحة ، لكي لا يذهب المتقدّمون إلى مسابقة أخرى بسبب عدم معرفتهم بنتائج المسابقات التي تقدّموا إليها سابقاً، ما يخلق ضغطاً على جميع المسابقات و هذا أمر ضرره كبيرعلى طالب العمل و المؤسّسات على حدّ سواء.
و أهم نقطة هي إظهار تقرير واضح بلوحات الإعلانات للجهات المعنيّة بالأعداد المطلوبة بشكل واضح، فلا يعقل أن يتقدّم الآلاف لطلب عدد من الموظّفين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد بسبب عدم معرفتهم بالعدد وبالتالي تحميل المتقدّمين مصاريف الطلبات والأوراق والطوابع والمصنّفات وإخراجات القيد و مصاريف التنقّلات التي لا حصر لها.
فهل تتمّ العودة عن القرار( 16469 ) تاريخ 23-11-2011؟.. و لتقم الجهات المعنيّة بواجباتها في القيام بالمهارات التدريبيّة لمن يجب تدريبه لاحقاً هذا في حال كان بحاجة في عمله لاستخدام الحاسوب أو اللغة الاجنبيّة وهؤلاء حسب الإحصاءات التوظيفيّة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد كنسبة مئوية من مجمل الموظّفين بصفة عامّة.