إطلالات فنية تكشف المستور

بدت أغلب إطلالات الفنانين على الشاشات احتفائية تلقي الضوء على مسيرتهم بشجن وحنين، ورغم أنها لقاءات مطلوبة وتحتاج لعناية كي تخرج بكامل ألقها وخصوصيتها ، إلا أنه في المقابل غاب اللقاء المشاكس الذي يحرّض الضيف ويدفعه لإعلان موقف صريح من هذا الشأن أو ذاك، أو تناقشه بموضوعية وحنكة بمفردات عمله، كما غاب السؤال الذي يخفي بين أحرفه نقداً يحشر الضيف في الزاوية من خلال أسئلة محكمة نابعة من صميم وعمق ما يُقدم فيجد نفسه أمام لقاء من (العيار الثقيل) يحرك الراكد.
وكما أن لهذه الإطلالات محاسن فإن لها مثالب لابد من التنبه إليها، وكأنها في مجملها تحمل وجهين متناقضين لعملة واحدة. فإطلالة الفنان تكشف حقيقته أمام الجمهور، لذلك عليه أن يُقدم نفسه بالشكل الأفضل والأقرب للجمهور لئلا يأتي تأثيرها عكسياً ، فعبر اللقاءات المتلفزة إما أن يبدو الضيف ضحلاً فارغاً ليس لديه رؤى ، أو يبدو حقيقياً ومتحدثاً يعي أبعاد ما يقول وله مواقفه من الحياة ومن شؤون مختلفة في المجتمع، وعندها يدخل دون استئذان إلى وجدان الجمهور ويزداد رصيده في قلوبهم، ومن شأن هذا أو ذاك أن يحدد نوع العلاقة المستقبلية بين الفنان وجمهوره، ومن هذه الزاوية بالذات من حق الفنان أن ينتقي إطلالاته ، خاصة على الشاشة الصغيرة ، شرط أن يكون هذا الانتقاء مبعثه والقصد منه البحث عن الحضور الأهم والأفضل.
فالعديد من الفنانين سقطوا بعد إطلالات أطلقوا خلالها تصريحات هوائية بعيدة عن المنطق، وربما أكثر ما يقع الفنان في هذا الفخ عبر البرامج التي تعتمد التسلية والترفيه و(الفرقعات) فقط، فعندها يبدو سطحياً لا أرضية ثقافية أو معرفية تحمله أو يستند إليها، في حين أن العديد منهم أيضاً خطوا خطوة أخرى باتجاه الجمهور في تثبيت ثقته بهم ، لأنهم لم يستخفوا باللقاء وإنما تعاطوا معه بكامل الجدية والالتزام، والمفارقة أن مبدعين نحبهم نراهم على شاشات عربية وهم على استعداد للمضي قدماً بشروط البرنامج وفقراته كلها كما هو محدد لهم وإن لم يكن ذلك (من قيمتهم)، ربما لأنهم حسبوا أن ذلك يقربهم من الناس أو لأن المكافأة (حرزانة) واسم المحطة مغرٍ، وهو أمر لم يخفه البعض وتحدث به جهاراً في جلساته مع الأصدقاء والمقربين.
لا بد أن يدرك الفنان أن أي اطلالة لها حساباتها، وأي كلمة قد تحفر في نفس المتلقي، وأي موقف يدلي به يؤثر من خلاله على الآخر سلباً أو إيجاباً ، لأنه في النهاية شخصية عامة، ولابد أن يدرك أيضاً أن عملية اختيار الدور وسعيه لتجسيده بالشكل اللائق لا تقل أهمية عن إطلالاته الإعلامية، ففي كلتا الحالتين سيكون تحت الضوء وسيتابعه الجمهور ، فإما يخطون خطوة للاقتراب منه أو الابتعاد عنه ، والقرار يبقى في يده.
fouaadd@gmail.com

فؤاد مسعد
التاريخ: الثلاثاء 8- 10-2019
رقم العدد : 17093

 

آخر الأخبار
دمشق تحتفي بأطباء الحرية وذاكرة لا تموت  الدبلوماسية السورية.. من التبعية والعداء إلى الاستقلالية والانفتاح   "صوت السلام" فعالية مجتمعية في طرطوس تشعل الفرح وتزرع الأمل   صحة المرأة في مواجهة سرطان الثدي: الوعي والدعم مفتاحا النجاة    الشيباني: الدبلوماسية السورية متوازنة ومنفتحة على الحوار والتعاون  سوريا تنضم إلى "بُنى".. انطلاقة جديدة لتعزيز  التعاون المالي الإقليمي والدولي  زيارة وزيري الاقتصاد والمالية إلى واشنطن..  تعزيز الشراكة وكسر العزلة  لجان وآليات لدفع التعاون بين الجمعيات الخيرية نحو آفاق من التأثير  الفضة مقابل الذهب..هل يمكن ضمان نفس مستوى الأمان؟    تأهيل 750 مدرسة وترميم 850 أخرى ووعود بتأمين مقعد دراسي لكل طالب   فريق الهلال الأحمر الجوال  بالقنيطرة.. خدمات طبية للمجتمعات المحلية   تكاتف سكان "غنيري" ..استعادة لبعض الخدمات وحاجة للاهتمام   إعادة الممتلكات ..تصحيح الظلم وبناء عقد اجتماعي شفاف ومتساو    انطلاق أول معرض للتحول الرقمي بمشاركة 80 شركة عالمية  ضحايا ومصابون بحادثي سير على أتوستراد درعا- دمشق وزير الاقتصاد يلتقي ممثلين عن كبرى الشركات في واشنطن التحويل الجامعي.. تفاصيل هامة وتوضيحات  شاملة لكل الطلاب زيادة مرتقبة في إنتاج البيض والفروج أول ظهور لميسي مع برشلونة… 21 عاماً من الإنجازات المذهلة  بيلوفسكي الفائز بسباق أرامكو للفورمولا (4)