الملحق الثقافي:متابعة: رشا سلوم:
ضمن احتفالات اتحاد الكتاب العرب بدمشق أقام فرع دمشق ندوة حول الثقافة والإعلام، وقد شارك فيها الكاتب والصحفي ديب علي حسن بمحور تحت عنوان «العلاقة بين الثقافة والإعلام، وحول العلاقة الشخصية في النشر، وجودة المنتج» وتحدث عن ذلك قائلاً:
بداية لابد من القول بكل ثقة وطمأنينة إنه لا يوجد شيء اسمه إعلام بلا ثقافة ولا ثقافة بلا إعلام، فهما جناحان لطائر واحد، لا يمكن أن يطير بلا أحدهما. وعلى هذا فإن كل إعلامي يجب أن يكون بالضرورة مثقفاً، وليس كل مثقف إعلامياً وإن كان يمارس شيئاً من الدور. وبالتالي نقرر أن الصحافة أعني الورقية منها بدأت في العالم كله ثقافية، وكان محرروها كبار الكتاب والشعراء والمبدعين ومازالت تحتفظ بشيء من هذا وهي ستعود ثقافية فكرية تقدم رأياً؛ إذ لا يمكن الآن انتظار خبر من صحيفة ورقية، فثمة فضاء آخر معك بكل ثانية مع ما له وعليه.
وفي الوطن العربي تحديداً يعود الفضل في الصحافة الثقافية للسوريين بدءاً من هجرة أدباء بلاد الشام إلى مصر: خليل مطران وجورجي زيدان وغيرهم، ومازالت الأهرام والهلال وروز اليوسف خير شاهد على ذلك. وفي سورية مازالت مجلة مجمع اللغة العربية التي قاربت القرن تصدر لحد الآن وكذلك مجلة الضاد في حلب. وفي تاريخ الصحافة الثقافية لن ننسى مجلة القيثارة، أو مجلة الثقافة التي كانت تصدر منذ أكثر من سبعين عاماً وهي غير تلك التي أصدرها الراحل مدحت عكاش وتوقفت برحيله. ومن المجلات المهمة التي تؤدي دوراً ريادياً هي مجلة المعرفة السورية، وكذلك المجلات التي تصدر عن اتحاد الكتاب العرب.
وعن العلاقة الشخصية في النشر وجودة المنتج يقول: وهنا ندخل في عالم التقييم والروائز وبالتالي الحكم على منتج أدبي. ونحن لسنا نقاداً، والسؤال ليس منطقياً. فالصحافة اليومية ليست ناشراً للإبداع بل هي تتابع حراكاً ثقافياً، وانتقلت من التغطية إلى المشاركة بالنقاش. وقد تحول النشر إلى الصحف والمجلات الأدبية مثل الموقف الأدبي والأسبوع الأدبي. وفي مصر مثلاً أخبار الأدب، وفي الخليج الدوحة، وكانت دبي الثقافية، وفي لبنان الآداب. وقس على ذلك.
في الصحافة الورقية كان الملحق الثقافي لصحيفة الثورة الذي ازدهر بفترة ما ثم خبا وعاد وخبا وعاد، ولكل مرحلة ظروفها.
وهذا يظهر من خلال النقاش. ويمكن القول إن الحكم على جودة المنتج تقاس من خلال وسيلة النشر والموضوع نفسه. فما ينشر بالمجلات غيره في اليوميات وما ينشر في المجلات المحكمة أيضاً مختلف. وهذا ليس جديداً. فمنذ القدم يتحكم الموضوع والظرف. هل نذكر بأبي تمام.
اليوم أيضاً ثمة متغير آخر ألا وهو الفضاء الأزرق الإلكتروني. آلاف الإصدارات الإلكترونية المرخصة وغيرها تضخ ما يقرأ أو لا يقرأ. هنا يجب أن نبحث عن الجودة والمعايير، فقد تجد من لا يجيد ألف باء الكتابة ينشر وينشر. وإذا كانت سيدة يكفي للجودة صورة أنتجت بعناية ودقة لنكون نحن الرجال أول من يدبج المعلقات تحت ما نشر بعبارات أين منها مارون عبود.
العالم الافتراضي كسر كل مألوف وأضاع المعايير، وعلى سبيل المثال شاعرة تكتب ٤٠ كلمة، فيتنطح أستاذ جامعي لكتابة بحث نقدي كما يقول عنه يقع في ١٢٠٠ كلمة يغوص كما يقول أيضاً فيما وراء وراء… ويرسله للنشر ورقياً. وقس على ذلك. أيضاً اليوم المراكز الثقافية والمهرجانات وغيرها استسهلت كل شيء واختلط الصالح بالطالح. وبكل محبة نقول: نعم هناك منتج رديء ورديء جداً وسوقه موجود نعم، وهناك ألف محاباة. ولكن مهلاً هذا الركام قد يكون مفيداً ولو من ناحية اقتصادية، دورة عمل للعامل والمطابع وغير ذلك.
لسنا بصدد حكم القيمة، فالصحافة حكمها لأيام وليس لسنوات. في كل الأحوال لسنا أبرياء، والكل مدان.
خلاصة القول: جودة المنتج مصطلح مادي نقل إلى عالم الأدب، والجودة تقتضي وجود مواصفات قياسية محددة سلفاً يقاس عليها. ولكن الأمر مختلف هنا تماماً، فكل حالة أدبية لها ذوقها، فمن يقبل قصيدة النثر لا يقبل التفعيلة وعلى العكس، وما هو صالح للنشر في الصحافة اليومية غيره كما أسلفنا في الأسبوعيات أو الحوليات. والعلاقات الشخصية بالتأكيد موجودة لكنها يجب أن تكون كالملح بالطعام إن زادت أضرت وإن نقصت..
التاريخ: الثلاثاء29-10-2019
رقم العدد : 971