الثورة – عبد الغني العريان:
في زيارة تحمل أبعاداً إنسانية وتنموية، استقبل محافظ حلب المهندس عزام الغريب، اليوم، وفداً رفيع المستوى من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ترأسه المفوض السامي فيليبو غراندي، ويرافقه عدد من كبار مسؤولي المفوضية، على رأسهم المدير الإقليمي للمفوضية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا السيدة ريما جاموس إمسيّس.
وجرى اللقاء بحضور نائبي المحافظ فواز هلال، وعلي حنورة، إلى جانب عدد من معاوني المحافظ وممثل عن مكتب الشؤون السياسية، وناقش الطرفان واقع النازحين داخلياً في المخيمات والمناطق المتضررة، بالإضافة إلى أوضاع اللاجئين السوريين في دول الجوار، ولاسيما في تركيا والأردن ولبنان، مع التركيز على حركة العودة الطوعية التي بدأت تتسارع في السنوات الأخيرة.
المفوض السامي أوضح خلال الاجتماع أن المفوضية تتابع باهتمام بالغ حركة العودة الطوعية للاجئين السوريين، مشيراً إلى أن ما يقارب 250 ألف شخص قد عادوا إلى سوريا منذ عام 2022.
ولفت إلى أن العائدين يواجهون تحديات كبيرة، أبرزها النقص الحاد في المساكن والبنى التحتية الأساسية، ما يتطلب استجابة إنسانية عاجلة وتنسيقاً أكبر بين الجهات الأممية والمحلية لتأمين احتياجاتهم.
وأكد أن دعم المجتمعات المتضررة والعائدة يجب أن يكون محوراً رئيسياً في الاستجابة الإنسانية للمرحلة المقبلة.
وأكد المفوض السامي أن الأمم المتحدة ملتزمة بالبقاء شريكاً فاعلاً في دعم سوريا وشعبها، داعياً المجتمع الدولي إلى الإيفاء بالتزاماته تجاه اللاجئين والعائدين على حد سواء.
من جهته شدد محافظ حلب على أن المدينة، التي كانت من أكثر المدن تضرراً خلال سنوات الأزمة، ماتزال تعاني من آثار الدمار الواسع في أحيائها السكنية، ما يشكل عقبة رئيسية أمام عودة السكان واستقرارهم.
وقال الغريب: العمل جارٍ على إعادة تأهيل عدد من المناطق، لكن حجم التحدي يفوق الإمكانات المتوفرة، ونأمل أن تسهم هذه الزيارة في تحفيز دعم دولي أكبر للمشاريع التنموية والخدمية.
وأعرب عن تقديره للجهود الأممية، مؤكداً استعداد المحافظة للتعاون مع مختلف الهيئات والمنظمات الإنسانية من أجل تخفيف معاناة المواطنين، وتوفير شروط الحياة الكريمة لجميع العائدين.
وتناول اللقاء أهمية تفعيل قنوات التواصل والتنسيق مع الدول المستضيفة للاجئين، خاصة تركيا والأردن، لتبادل البيانات المتعلقة بالعائدين وضمان توثيق حركتهم ضمن إطار قانوني وإنساني يضمن حقوقهم، ويساعد في التخطيط للاستجابات اللازمة داخل سوريا.
وأكدت السيدة إمسيس في هذا السياق على التزام المفوضية بمواصلة العمل مع الشركاء المحليين والدوليين لتسهيل العودة الكريمة والآمنة، وفق المعايير الدولية.
وأشارت إلى ضرورة مواءمة التدخلات الإنسانية مع أولويات التعافي المبكر، بما يشمل دعم الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومياه، بالإضافة إلى برامج سريعة لإنعاش الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل، خاصة في المناطق التي تستقبل أعداداً متزايدة من العائدين.
واتفق الجانبان على أن خلق بيئة حاضنة للعائدين يتطلب توحيد الجهود على مختلف المستويات، بدءاً من تأمين البنية التحتية، مروراً بضمان الأمان والاستقرار، ووصولاً إلى تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز التماسك الاجتماعي.
وأشار الحضور إلى أن تعزيز برامج التدريب المهني وتمويل المشاريع الصغيرة يمكن أن يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد، وبالتالي الحد من الهجرة مجدداً.
كما ناقش الطرفان أهمية إدماج العائدين في الحياة المجتمعية والاقتصادية من خلال برامج شاملة تُبنى على أساس تقييم دقيق للاحتياجات والفرص.
في ختام اللقاء، شدد الحضور على أهمية الشراكة الوثيقة بين المفوضية السامية والحكومة السورية والسلطات المحلية في حلب، مشيرين إلى ضرورة تبني مقاربة متكاملة توازن بين الاستجابة الإنسانية وضرورات التنمية المستدامة.