تساؤلات كثيرة ما زالت تطرح حول دور الإعلام الوطني خلال هذه الفترة التي تصدرت فيها وسائل التواصل الاجتماعي اهتمام السوريين لمجموعة عوامل ربما أهمها الانتشار الكبير وكيفية نقل الأخبار والسهولة في التعاطي ناهيك عن أنها فتحت المجال لكل شخص للتعبير عن رأيه بغض النظر عن المصداقية.
الرأي السائد في الوقت الحالي أن الإعلام أصبح متأخراً في نقل الأخبار ومواكبتها واتخاذ الموقف الصحيح تجاه ما يجري وخاصة فيما يتعلق بمهمته الأساسية ألا وهي محاربة الفساد والكشف عنه، فالكثير لديه قناعة أن الإعلام الوطني تأخر كثيراً في ممارسة هذه المهمة على الرغم من أنها تصب في صميم عمله.
إلا أن لقاء السيد الرئيس بشار الأسد وحديثه لقناتي السورية والإخبارية السورية قد وصف الحالة بموضوعية وأعاد الأمور إلى نصابها، حيث تحدث سيادته أن للإعلام دوراً أساسياً جداً وباتجاهين منوهاً أن لقاءه الأخير مع الحكومة كان مكرساً فقط لموضوع دور الإعلام.. واقتبس مما جاء في حديث سيادته.. أولاً لأنني أعرف أن الإعلام سيكون له أعداء كثر من الدولة ومن خارجها عندما يتحدث في موضوع الفساد لأسباب مختلفة ليس فقط المصالح.. لكن نحن بطبيعتنا.. بثقافتنا لا نحب النقد. وحتى لو كان النقد عاماً نحوله مباشرة إلى حالة شخصانية.. ونعتبره شيئاً شخصياً وتبدأ ردود الأفعال بالظهور.. وهذا يخلق مشكلة كبيرة.. إما بمحاربة الإعلام من الأساس أو بمحاربة المعلومات التي تحتاجونها للقيام بمهامكم في هذه الحالة. فكان اللقاء هو فقط لدفع الإعلام الرسمي.. أولاً لأن الإعلام هو أهم أداة في مكافحة الفساد.. الفساد دائماً واسع ودائماً يشمل قطاعات كثيرة لأن علاقة الناس بالدولة وعلاقة مختلف القطاعات بالدولة هي علاقة ليست يومية وإنما في كل ساعة.
وبالتالي لا يمكن بأي آلية أن تلاحق كل هذه الحالات. هنا يأتي دور الإعلام باعتباره يفترض أن يكون موجوداً في كل زوايا المجتمع فيشكل عاملاً أساسياً مساعداً للكشف عن مواضع الفساد. النقطة الأهم التي تحدثت أو مررت عليها الآن عندما نتحدث عن قوانين وعن بيئة وعن أشياء من الجذر بحاجة لإعادة إصلاح. من الضروري أن يقود الإعلام عملية الحوار لعملية هذا الإصلاح.. أتحدث عن قوانين.. الآن أنا في الدولة أتيت بقانونيين لدراسة الخلل ولكن القانوني ليس بالضرورة أن يمتلك الرؤية، القانوني يمتلك الصياغة… الصياغة جزء من القانون، الجزء الآخر هو الرؤية، من يقدم الرؤية المسؤول فقط.. لا.. هناك تفاصيل المسؤول بحكم موقعه وخبرته لا يراها، وكل شخص في المجتمع بحكم وجوده بزاوية من زوايا المجتمع لا يرى الحل كله.. يرى جزءاً من الحل. الإعلام هو الذي يجمعنا معاً للنقاش في هذا الحل… انتهى الاقتباس.
وفيما يتعلق بالمقارنة بين الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أكد السيد الرئيس أن هناك فوضى نقاش وحوار على مواقع التواصل الاجتماعي، هنا يأتي دور الإعلام الوطني لكي ينقل هذا الإعلام من السطحية.. ومن الشخصانية أحياناً ومن التشفي ومن الانتقام ومن فتح مجال للعب بنا من الخارج دون أن يكون لدينا الوعي لذلك.. هو يأتي ليضع منهجية حقيقية لحوار جدي ولحوار ناضج ووطني.. وبالتالي لحوار منتج.
أضاف.. فالحقيقة يعول عليكم ولو أنكم ما زلتم في البدايات من خلال البرامج التي بدأتم بها مؤخراً.. ولكن الأفق للصعود بمستوى هذا الحوار ومكافحة الفساد ومعالجة القوانين ومعالجة الأسماء والفاسدين.. الأفق أمامكم طويل جداً ومفتوح طبعاً لكي تقوموا بدور كبير، وأنا شخصياً أعول وأنا داعم للإعلام الرسمي بهذا الاتجاه.
لقد وصف السيد الرئيس الحالة بموضوعية وأعاد الأمور إلى نصابها وهنا يجب علينا كإعلام مسؤول أن نتحمل المسؤولية ونبادر لنؤدي الدور المعول عليه علماً أن العقبات ستكون كثيرة والصعوبات جمة، فالفاسدون لن يستسلموا بسهولة ولن يدعونا نعمل خاصة أن المستهدف هم بالدرجة الأولى.
باسل معلا
التاريخ: الأحد 3-11-2019
الرقم: 17113